الشيخة «تناظر».. 70 سنة في خدمة كتاب الله: فقدت البصر واحتفظت بنور القرآن
فقدت بصرها الشيخه"تناظر النجولي"تحفظالقرآن بقراءته طول 70 سنه للطلابها
في منزل سكني مكون من 3 طوابق، بقرية الناصرية بمركز سمنود بمحافظة الغربية، عاشت الشيخة تناظر محمد مصطفى النجولي، أقدم قارئة ومحفظة بالغربية، والتي رحلت بالأمس عن عمر ناهز 97 سنة.
ووُلدت «تناظر» عام 1924 بقرية الناصرية التابعة لمركز سمنود محافظة الغربية، في نفس البيت الذي توفيت فيه، وكانت مبصرة ثم أصيبت بالحصب وفقدت بصرها وهي صغيرة.
تعلمت «تناظر» في مهد حياتها حفظ وقراءة القرآن عن طريق التدريب والممارسة على أيدي 3 مشايخ بالقراءات الـ7 بطريق الشاطبية، وعلمته لأجيال متعاقبة طوال سبعة عقود من عمرها بعدما فقدت إبصار الرؤية بالعين، لكنها لما تيأس ولم تفقد بصيرة حملها للواء وآيات القرآن الكريم، بل حفظته داخلها بكل انتباه وإرادة بتغلبها الكامل رغم كبر سنها بعد رحلة في مهمة كبرى حفاظًا على سيرتها العطرة ونشر آيات الذكر الحكيم لكل طلابها الوافدين من دول العربية والأفريقية.
وانتقلت «الوطن» عبر مسافة 50 كيلو مترًا إلى قرية الناصرية التي تحوي قرابة 35 ألف نسمة وسط حالة من الحزن والوجيعة التي انتابت المئات من أسر وعائلات القرية، لفقدانهم سيدة بارة حرصت طوال فترات عمرها على تحفيظ القرآن الكريم بكل القراءات.
وكشف رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن فقدان البصر لدى «تناظر» لم يكن عائقًا أمام أقدم محفظة للقرآن الكريم بدائرة مركز سمنود، بل وكأن الله عوضها بكلامه الذي استضاءت به بما قذف في قلبها من نور الحكمة والإيمان، ومحبة بين أهل المدينة حتى حزن الجميع لفراقها وتحولت حسابات موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى صفحات نعي ودعوات بالرحمة.
وعبر الدكتور محمد الشهاوي ابن الحاجة «تناظر»، عن حزنه لوفاة والدته، قائلًا «الحمد لله علي كل حال، ربنا يرحمك يا أمي، هافتقدك، وفعلًا كل الناس بتحبك في البلد»، وأضاف «أمي كانت ست تعرف ربنا، ورغم ضعفها صبرت وهي بين الحياة والموت طوال 70 سنة أفنتها في حفظ القرآن الكريم».
وذكرت ثلاث من فتيات الشيخة الراحلة، أن والدتهن تحملت الصعب واعتمدت على بصيرة قلبها، ولم تكل في تربيتهن وتوجيههن في بناء أسرهن وتعليم أطفالهن، مشيرين إلى أنه خلال 3 أشهر الماضيه تعرضت والدتهن لوعكة صحية أدت إلى وفاتها.
وبحسب فتيات الشيخة الراحلة، اتسمت والدتهن بالقوه والعزم والثبات في مجال الحفظ مع الشيخ عبد اللطيف أبو صالح لكن كان بدون تجويد، ثم ذهبت للشيخ محمد أبو حلاوة وتعلمت التجويد على يديه ومكثت عنده 15 سنة، وقرأت عليه القراءات السبع إلى سورة يونس، ثم ذهبت للشيخ سيد عبد الجواد وقرأت عليه القراءات السبع من طريق الشاطبية، وتزوجت من جارها وأنجبت منه 4 أولاد وبنتين.
وقال حسن علي أحد تلاميذ الراحلة، والذي جاء من محافظة الإسماعيلية لتقديم واجب العزاء «ربنا يرحمها.. كانت نعم الأم ومحفظه قرآن، ولا يمكن أن ننسى مخارج نطقها للحروف على مدار أكثر من 7عقود، وأتمنى من الله أن يلهمنا الصبر على فراقها».
وتابع بأن المئات من الطلاب الوافدين من أفريقيا والخليج حرصوا على تعلم القرآن على يديها رغم ظروفها المرضية، وذلك عبر استخدام هاتف المحمول والمكالمات الدولية والمحلية، مشيرًا إلى تكريم «تناظر» من عشرات المؤسسات الدينية.