«عم بيومي» يصلح أعطال الراديو منذ 70 عاما: بسمع شكوتهم وأعالجهم
دكتور الراديو بالبحيرة
منزل قديم متهالك تملؤه بقايا أجهزة راديو يجلس بينها رجل تخفي التجاعيد ملامح وجهه، فضل العزلة إلى جوارها كأنها ملاذه الوحيد، حيث اتخذها صديقا يجاور أحدهم ساعة والآخر تارة أخرى أثناء تصليحهم، حيث قضى عبدالحميد بيومي، عمره في تصليح ذلك الجهاز بجميع أنواعه حتى صار يعرف في محافظة البحيرة باسم «دكتور الراديو».
الصدفة قادته للعمل في إصلاح الراديو
يقول عبدالحميد بيومي، دكتور الراديو بالبحيرة، إنه بدأ عمله في مجال تصليح الراديو بعد حصوله على دبلوم تجارة، مشيرا إلى أنه لم يرثها وإنما قادته الصدفة إليها حينما رافق صديقه في عمله، لكن والده رفض عمله في ذلك المجال مطالبا إياه بالعمل بشهادته.
وأشار «بيومي» صاحب الـ92 عاما، إلى أن عشقه لتلك المهنة دفعه للعزلة عن الجميع سواها بعد وفاة زوجته، حيث لقبه الجميع بـ«ملك الراديو» وذاع صيته أرجاء محافظة البحيرة آنذاك، مضيفا أنه استطاع إصلاح كافة الأجهزة على مدار عمله، باستخدام أدوات بدائية، معتمدًا على خبرته الطويلة في المجال.
دكتور الراديو
وأضاف أن أهالي دمنهور لقبوه أيضا بـ« دكتور الراديو»، معللا ذلك بأنه تعامل معها كما يتعامل الطبيب مع مرضاه، حيث يسمع شكواهم دون حديثهم وذلك من شدة تعلقه بتلك الأجهزة، وبعد وفاة زوجته رافقها حتى أصبحت ملاذه الأوحد للهروب من الوحدة.
الراديو انتهى بوفاة عملاقة الفن
وتابع ابن دمنهور، مسترجعًا ذكرياته الكبيرة، أن محل عمله كان يشهد زحاما كبيرا، لا سيما قبل الحفل الغنائي لكل من عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، مشيرا إلى أن المواطنين بعضهم يتجمع لإصلاح الراديو الخاص به، والبعض الآخر يأتي للاستماع إلى الحفل من خلال أحد الأجهزة لديه.
وقال إنه عندما يشرع في تصليح الراديو يتناسى كبر سنه حتى يتحول إلى شاب يجالس حبيبته، مشيرا إلى أنه يستغرق نحو يومين لإتمام الإصلاح مع تأخره في العمر.
العمل بالمهنة منذ 70 عاما
وتابع حديثه قائلا إنه عمل بتلك المهنة نحو 70 عاما، عاش خلالها العديد من الذكريات، فزمن الراديو الحقيقي حسب رؤيته، بدأ مع مولد أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وانتهى بوفاتهما، كأنه وجد لنقل صوتيهما، مشيرا إلى أن الزمن الجميل انتهى بانتهاء عصر الراديو الذي يحمل في ذاكرته العديد من الذكريات المبكية لأنها أمست ماضيا.