«عم ربيع» آخر صانع للسواقي بالفيوم: «احنا ملوك الشغلانة».. فيديو
السواقي الفرعونية تروي الزراعة وتجذب السياحة وتكافح الاندثار
سواقي الفيوم الفرعونية تقاوم الاندثار تروي الزراعة وتجذب السياحة
وسط قطعة أرض زراعية، وبجواره منقد يحمل براداً احترق بنيران الأخشاب وتفوح منه رائحة الشاي المميزة، يجلس «ربيع رمضان»، آخر صانع للسواقي بمحافظة الفيوم، مُمسكاً في يده منشاراً تارة، وشاكوشاً تارةً أخرى، يجمع القطع الخشبية معاً في شكل هندسي متناسق، ليصنع ساقية بقطر 6 أمتار، وارتفاع يتراوح بين 5 إلى 8 أمتار، وبوزن يتجاوز الطن، مفتخراً بكونه ابن أقدم صانع للسواقي في مصر، وأنّه الوحيد الذي يعمل في صناعة السواقي إلى الآن، حيث ورث هذه الحرفة عن أبائه وأجداده، قائلاً: «احنا ملوك الشغلانة»".
السواقي صُنعت في العصر البطلمي
تحدث «عم ربيع» لـ«الوطن» عن حرفته التي تكافح الاندثار، قائلاً إنّ تاريخ السواقي يرجع إلى العصر البطلمي، والمسمى الصحيح والقديم لها هو «التابوت»، نظراً لكونها تعمل باندفاع المياه، أمّا السواقي فهي التي كانت تجرها الماشية، ولكن مع مرور الزمن استسهل الجميع اسم السواقي، خصوصاً بسبب سواقي الفيوم الشهيرة، التي تُعد معلماً ورمزاً من رموز المحافظة وشعارها أيضاً، موضحاً أنّ السواقي صُنعت بهدف ري الأراضي الزراعية، نظراً لأنّ الفيوم كانت متدرجة من أعلى لأسفل، وبها الكثير من الأراضي المرتفعة، التي يصعب ريها بالمياه.
مراحل تصنيع السواقي
وأضاف «عم ربيع» أنّ عائلته، وهي عائلة «روبي» بمحافظة الفيوم، هم أشهر صانعي السواقي في مصر، موضحاً أنّ السواقي يتم تصنيعها من الخشب الأبيض وخشب «الجازورين»، حيث يتم تقطيعهما إلى قطع بمقاسات معينة، ثم يتولى تجميعها بشكل معين، حتى يتكون شكل الساقية الدائري، وأخيراً يقوم بدهانها بمادة «تومين مؤكسد├، ثم تركيبها في مكانها لتدور بفعل اندفاع المياه وتحمل المياه من الأسفل إلى أعلى، لري الأراضي المرتفعة عن سطح البحر.
الساقية الواحدة تروي 60 فداناً
وأوضح «عم ربيع» أنّ الساقية الواحدة تروي ما يقرب من 60 فداناً، وتتكلف ما يقرب من 30 ألف جنيه، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الأخشاب، مُضيفاً أنّ الساقية الواحدة تستغرق ما يقرب من أسبوع لتصنيعها من الألف إلى الياء، وتحتاج إلى فن معين، نظراً لصناعتها بشكل هندسي متميز.
عمر السواقي 2300 عام
وأشار إلى أنّ السواقي ذات قيمة تاريخية عظيمة، فصناعتها تعود للعصر اليوناني الروماني «البطلمي»، أي قبل 2300 سنة، حيث كان اليونانيون الإغريق والرومان يعملون على استصلاح الكثير من الأراضي بإقليم الفيوم، وصنعوها ليحلوا مشكلة ري الأراضي المرتفعة، لذلك انتشرت السواقي بالفيوم وأصبحت تضم ما يقرب من 240 ساقية منتشرة في الحقول ومواقع الهدارات.
غنت لها شادية وأم كلثوم
وكشف أنّ السواقي تغنى لها الكثير من الفنانين، أبرزهم أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وأشهرهم أغنية الفنانة شادية «سبع سواقي بتنعي على اللي نابها من المظالم فضلت حياتها تدور وتدعي الله أكبر عليك يا ظالم»، كما أنّه تم تصوير العديد من الأفلام حولها، خصوصاً السبع سواقي التي كانت تقع في منتصف الفيوم قديماً، والتي تم تقليل عددها إلى 4 سواقي فقط.
أوشكت على الاندثار
وعبر عن حزنه بسبب تدهور حرفة صناعة السواقي، موضحاً أنّها أوشكت على الاندثار، حيث أنّه كان قديماً يصنع من ساقية إلى 15 واحدة كل عام، ولكنه الآن أصبح يصنع ساقية واحدة كل 5 سنوات.
أبناء «عم ربيع» يرفضون صناعتها
كما أعرب «عم ربيع» عن حزنه لأنّ أبناءه يرفضون تعّلُم تلك الحرفة، نظراً لأنّها لم تعد تدر دخلاً يمكن أن يعيش منه الانسان، موضحاً أنّه يحلم بأن يتم إنشاء مدرسة لتعليم حرفة تصنيع السواقي، لإعادة إحيائها والحرص عليها من الاندثار خصوصاً أنّها ترتبط بتاريخ الزراعة والري في مصر.