بروفايل.. عادل إمام الهرم الرابع في بلد الفن
عادل إمام في مسرحية الزعيم
يصعد إلى درج السلم بخطوات ثابتة، يجلس واثقًا على المقعد الذهبي كأنه ملكًا متوجًا على العرش، يرفع مقدمة رأسه وحاجبيه إلى الأعلى ويقول «أنا اللي هزيت التاريخ جامد.. أنا الزعيم المستديم»، ليصبح بعدها الزعيم ليس مجرد عملًا مسرحيًا عرض في نهاية القرن الماضي، ولكن أسلوب حياة ولقب منحه الجمهور لنجمه المفضل عادل إمام، الذي حلّق في سماء الفن قبل نحو 60 عامًا.
عادل إمام 60 عامًا من الإبداع
82 عامًا رقمًا جديدًا يضاف إلى رصيد العمر لدى عادل إمام، الذي جاء إلى الحياة في مثل هذا اليوم 17 مايو 1940، الطفل الذي تسلل حب الفن إلى قلبه، والشاب الذي قرر أن يلتحق بهذا المجال رغم دراسته الجامعية بكلية الزراعة، ومع بداية الستينيات بدأ العمل في المسرح، ليرسل له القدر فؤاد المهندس، ليرى بعين كشّاف المواهب أنّ الشاب النحيف «موهبة فنية لن تتكرر وكوميديان تقيل»، ليسند له دور ثانوي في مسرحية أنا وهو وهي، مجسّدا شخصية «دسوقي أفندي» صاحب العبارة الشهيرة «بلد شهادات صحيح».
يبدأ عادل إمام خطوات الفن درجة تلو الأخرى، مؤديًا دوره الصغير بشغف، ويستمتع معه الجمهور بنهمِِ شديد، ليحصل على مكافأة ربانية جزاء موهبته، وتكون انطلاقته في السبعينيات من خلال بهجت الأباصيري في مسرحية مدرسة المشاغبين، كأنّه يجهز نفسه لعالم المجد والشهرة والشعور بالزعامة الفنية مبكرًا «أنا الزعيم الأباصيري.. في اسكندرية مفيش غيري».
في عام 1973 يقدم المخرج نيازي مصطفى، عادل إمام نجمًا متوجًا من خلال فيلم البحث عن فضيحة، لم يتصدر اسمه وقتها أفيش الفيلم، ولكن نجح في أن يخرج جمهور السينما من دور العرض وهم حاملون هذا البطل الجديد في قلوبهم، يُجرب معهم أدوارًا مختلفة في أفلام أخرى، يصفقون له ويُمنون أنفسهم بأن لديه الأفضل، وبذكاء شديد لم يخذلهم، ليقدم لهم جرعة كوميدية مكثفة في مسرحية شاهد ما شفش حاجة، وقبل نهاية السبعينيات قرر أن يفاجئ الجميع بتحول ميلودرامي بعيدًا عن الفكاهة بفيلم إحنا بتوع الأتوبيس، ومسلسل أحلام الفتى الطائر، ليؤكد أنّه مبدع على كل لون، قابل للتغيير والتحليق لأبعد مكان.
في فترة الثمانينيات، أصبح عادل إمام رقمًا صحيحًا غير قابل للكسر، ينطلق إلى عالم السينما بأفلام حققت المعادلة الصعبة جمعت بين الإيرادات والفن منها «المشبوه، على باب الوزير، عصابة حمادة وتوتو، الإنسان يعيش مرة واحدة، أمهات في المنفى، الغول، المتسول، حتى لا يطير الدخان، الأفوكاتو، الهلفوت، الحريف، سلام يا صاحبي، المولد، وسلام يا صاحبي».
عادل إمام المتغير دائمًا
هو قارئ جيد للتغيرات التي تحدث حوله في المجتمع، وفي التسعينيات بدأ معها سلسلة مختلفة من الأفلام «الإرهاب والكباب، الإرهابي، اللعب مع الكبار، المنسي، شمس الزناتي، حنفي الأبهة، طيور الظلام، والنوم في العسل».
ومع الألفية الجديدة يرى أنّ هناك أجيالًا جديدة تبحث عن الاختلاف، لذا يبدأ معهم رحلة أفلام تناسب زمنًا لم يكن في الحسبان منها «التجربة الدنماركية، عريس من جهة أمنية، السفارة في العمارة، ومرجان أحمد مرجان»، ويختتم مسيرته السينمائية مع فيلم زهايمر عام 2010.
عادل إمام ينظر إليه الجميع باعتباره الهرم الرابع الذي لا يحق لأحد المساس به، هو الممثل الذي بدأ صغيرًا، رسم لنفسه طريقًا يسير عليه، متجاوزًا الصعوبات، لا ينظر للوراء، حتى أصبح بـ الفن كبيرًا، لا ينازعه أحد على شهرته التي بلغت عنان السماء، قرر أن يأخذ استراحة مبدع لفترة قليلة يجلس فيها مع أبنائه وأحفاده مستمتعًا معهم، ويرفع حاجبيه بطريقته المميزة ويقول لهم ضاحكًا «مش أنا عيد ميلادي النهارده».