مكاسب لموسكو أم تفاقم الأزمة؟.. تداعيات ضم 4 مناطق أوكرانية لروسيا
غنيم لـ«الوطن»: تحول استراتيجي لمجابهة الأداء التكتيكي على الأرض
روسيا تجري استفتاءات في 4 مناطق أوكرانية
تسعى روسيا عبر الاستفتاءات التي تجرى منذ الجمعة الماضى وحتى أمس الثلاثاء، إلى ضم أربع مناطق أوكرانية، خاضعة لسيطرة قوات موسكو، إلى توسيع أراضيها مرة أخرى، كما حدث في القرم قبل سنوات، في ظل تلويح المسؤولين الروس مجدداً باستخدام السلاح النووي للدفاع عن أقاليم «دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا»، حال تحول مسار الحرب من عملية عسكرية في الخارج إلى حرب للدفاع عن أراض ستصبح روسية، بموجب نتائج الاستفتاء المحسومة مسبقاً، بحسب ما أكد خبراء لـ«الوطن»، حيث إن من المقرر التداول داخل مجلس النواب الروسي «الدوما» في 29 سبتمبر الجاري، حول مشروعات قوانين لدمج الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا من أوكرانيا.
في المقابل، أعلنت كييف أن التصويت الذي أجرته موسكو في أربع مناطق أوكرانية، بشأن الانضمام لروسيا «باطل ولا قيمة له»، وأن أوكرانيا ستواصل جهودها لتحرير أراضيها التي تسيطر عليها القوات الروسية، فيما حثت وزارة الخارجية الأوكرانية شركاءها الدوليين على فرض عقوبات جديدة صارمة على موسكو، وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية إلى كييف، وأكدت الوزارة في بيانها، أن «أوكرانيا لن توافق بتاتاً على أي إنذارات».
سيد غنيم: أوكرانيا استعادت 6000 كم من القوات الروسية
ومن جانبه، قال الدكتور سيد غنيم، الرئيس التنفيذي لمعهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، إن هناك فرقا بين الهدف والمتوقع، حيث إن الهدف من الاقتراع، الذي يتم في أربع مناطق أوكرانية لضمها إلى روسيا، وهي «لوغانسك ودونيتسك وخيرسون زابوريجيا»، تعد صورة لتحول استراتيجي من أجل مجابهة الأداء التكتيكي على الأرض، حيث إن القوات الأوكرانية تستعيد بسرعة بعض الأراضي المسلوبة منها.
وأضاف «غنيم»، في تصريحات لـ«الوطن» أن أوكرانيا استعادت من القوات الروسية حوالي 6000 كيلومتر مربع من المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية خلال الأشهر الماضية، كما أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا، لافتاً إلى أنه عندما يرسل الجنود وضباط الاحتياط إلى تلك المناطق، سيشعر هؤلاء الجنود بأنهم يدافعون عن مناطق روسية، وليس مناطق أوكرانية، يحاولون السيطرة عليها، كما اعتبر أن هذه الخطوة الروسية لن تمثل عائقاً أمام الطلب الأوكراني للانضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها ستؤثر على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو».
وفي خطاب له مؤخراً، قال الرئيس الروسي إن بلاده ستستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية نفسها، وأضاف بوتين، في التصريحات التي اعتبرت أنها تتضمن تهديداً بالاستخدام المحتمل للأسلحة النووية، أن «هذه ليست خدعة».
وتسعى السلطات التي عينتها موسكو في المناطق الخاضعة لسيطرتها، لتنظيم الاستفتاء في المناطق الأربع منذ أشهر، لكن الانتصارات التي حققتها أوكرانيا مؤخراً، إثر هجومها المضاد، دفعت موسكو إلى الإسراع في تحديد موعد للاستفتاءات.
زيلينسكي: لا يمكن حتى وصفها بأنها محاكاة لاستفتاء
وبينما أعرب دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، والذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي في روسيا، عن ثقته في نتائج الاستفتاء بانضمام تلك المناطق إلى روسيا، وغرد عبر «تليجرام» قائلاً: «النتائج واضحة، أهلاً بكم في وطنكم، في روسيا»، جاء الرد عبر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في خطاب مصور في ساعة متأخرة مساء أمس الثلاثاء، قائلاً: «هذه المهزلة في الأراضي المحتلة لا يمكن حتى وصفها بأنها محاكاة لاستفتاء».
وقال محمد البابا، الصحفي المتخصص في الشؤون الأوكرانية، إن الاستفتاء تم في الأربع مقاطعات منذ يوم 23 من الشهر الجاري، وانتهى مساء أمس الثلاثاء، حيث بدأت إجراءات ضم المناطق التي تم التصويت على انفصالها عن أوكرانيا وضمها للاتحاد الروسي، عبر رفع الإدارات المحلية الموالية لموسكو طلبات إلى السلطات الروسية، ومن المتوقع أن يصادق مجلس الدوما على هذه الطلبات بالموافقة يوم الجمعة المقبل، ليعلن بعدها الرئيس بوتين ضم تلك المناطق إلى روسيا.
وأضاف «البابا»، في اتصال هاتفي مع «الوطن»، من أوكرانيا، أنه «منذ بدء عملية التصويت، بدأت السلطات المحلية، وتحت ضغط من روسيا، إجبار الشباب والرجال في المناطق الأربع الواقعة في شرق أوكرانيا، للانضمام قسراً للقوات الروسية والتجنيد الإجباري، وذلك ضمن قرار التعبئة الجزئية، الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت سابق»، مشيراً إلى أن الحكومة الأوكرانية شجبت تلك الخطوة الروسية تجاه المواطنين الأوكرانيين.
البابا: موسكو فرضت اللغة الروسية على مناطق سيطرتها
وأوضح الصحفي المتخصص في الشؤون الأوكرانية أنه حتى هذه اللحظة، فرضت روسيا عبر الإدارات المحلية لتلك المناطق، اللغة الروسية كلغة رسمية على الأراضي التي تسيطر عليها في الداخل الأوكراني.
كما قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، خلال اجتماع لمجلس الأمن، إن الولايات المتحدة الأمريكية ستقدم قراراً في المجلس، يحث الدول الأعضاء على عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع أوكرانيا، وإلزام موسكو بسحب قواتها.
ورد سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في الاجتماع، بأن الاستفتاءات أجريت بشفافية، وبما يتماشى مع المعايير الانتخابية، مما يعني «حال ضم روسيا المناطق الأوكرانية الأربع، يمكن لبوتين أن يصور أي محاولة أوكرانية لاستعادتها على أنها هجوم على روسيا نفسها».
ووصف الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، منطقة دونيتسك، الواقعة في شرق البلاد، بأنها لا تزال تمثل أولوية استراتيجية لبلاده، مشيراً إلى أن هناك معارك عنيفة في العديد من البلدات، ولا تخضع أي من المناطق الأربع، التي أجريت فيها الاستفتاءات بالكامل لسيطرة القوات الروسية، فيما أعلنت القوات الأوكرانية تحقيق مزيد من التقدم منذ استعادة منطقة «خاركيف» في وقت سابق من الشهر الجاري.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، إن واشنطن تجهز أيضاً لجولة جديدة من العقوبات على روسيا، في حالة ضمها للأراضي الأوكرانية، إضافة إلى حزمة أسلحة بقيمة 1.1 مليار دولار إلى كييف سيتم الإعلان عنها قريبا.
ومن جانبها، قالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، إن القوات الروسية قصفت سبع بلدات في «دونيتسك»، وأعلن الجيش الأوكراني أن 20 بلدة في منطقة «زابوريجيا»، في جنوب وسط أوكرانيا، و35 بلدة وقرية في منطقة «خيرسون»، في الجنوب، تعرضت أيضاً للقصف من جانب القوات الروسية.