إمام مسجد «السيدة»: حكيمة «آل البيت».. وقيادية تحملت المسؤولية منذ صغرها
الشيخ أحمد عصام
قال الشيخ أحمد عصام، إمام مسجد السيدة زينب، إن «عقيلة بنى هاشم» كانت حكيمة آل البيت واشتهرت بسداد الرأى وحسن المشورة، حيث وهبها الله القدرة الفائقة على حسن التعبير فتميزت ببلاغتها وفصاحتها وكانت أبلغ وأخطب وأشعر سيدة من آل البيت خاصة والنساء عامة.
الشيخ أحمد عصام: أحبت مصر.. وقال لها «ابن عباس»: «إن لم تجدى موطناً فقلوب أهلها موطن لك»
أوضح «عصام»، فى حواره مع «الوطن»، أن السيدة زينب مثلت جبل الصبر فذاقت ألم الفراق بموت جدها وأمها إلى غير ذلك من الأحداث والابتلاءات العظيمة التى مر بـ«آل البيت»، وقال لها ابن عباس: «إن لم تجدى موطناً فقلوب أهل مصر كلها موطن لك».. وإلى نص الحوار:
السيدة زينب نموذج للمرأة العربية بما تحمله من معنى.. كيف تابعت ذلك؟
- السيدة زينب كانت امرأة قيادية، ومثلت دوراً مهماً خلال حياتها، فقد تضافرت الأسباب التى أهَّلتها لذلك تأهيلاً عظيماً، ومن العوامل التى ساعدت على ذلك، البيئة التى نشأت فيها، حيث تربت فى بيوت القادة، فجدها نبى، وأبوها خليفة، وأخوها خليفة، وأختها زوجة خليفة، فطرق سمعها أخبار المعارك وشاهدت بعينيها آثار الانتصارات وتعلمت من القيادة النبوية، وتحملت منذ نعومة أظافرها المسئولية، وعاشت ظروف قتال أبيها وأخيها، وخاضت بنفسها أدق تفاصيل واقعة كربلاء، وغير ذلك من الأحداث الجليلة التى كانت سبباً فى اكتسابها العلم الوافر، والذكاء والقدرة على التحليل وسعة الأفق، بالإضافة للإيمان الراسخ والأخلاق العالية، فقد تربت فى بيوت أفضل الأمة النبى وآل البيت الكرام، وقد أحاطها الجميع بهالة من التعظيم والتبجيل والإكبار، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدها رسول الله خرج معها أبوها الإمام أمير المؤمنين وأخواها الحسنان، وقد انعكس يقينها الجوانحى على سلوكها الجوارحى.
يطلق على السيدة زينب جبل الصبر.. لماذا توصف بذلك؟
- صبرها وقدرتها على التحمل، فهى بحق جبل الصبر، فقد ذاقت ألم الفراق بموت جدها، وكذا أمها التى لحقت بعد جدها بخمسة أو ستة أشهر، وكانت السيدة زينب فى سن الخامسة إلى غير ذلك من الأحداث والابتلاءات العظيمة التى مر بها آل البيت الكرام، إضافة إلى صبرها وتجلدها فى خدمة المجتمع، ومن ذلك صبرها أمام الثكالى والأرامل تصبرهن وترعاهن، حتى إذا أسدل الليل الظلام، وهدأت من لوعتها الأيتام، وسكنت الآهات والآلام، واطمأنت أن خلد كل من كان برعايتها إلى النوم بسلام، أرخت عينيها بالدموع، وناجت ربها راضية بقضائه وقدره بتضرع وخشوع، وتأوهَ قلبها الحنون تأوهاً تكاد تتصدع من شدته الضلوع، فلا تنام حتى تمنح لعاطفتها حقها من البكاء على الحبيب نور عينيها أخيها الحسين رضى الله عنه.
نستطيع أن نستخلص من كل ذلك أن مفتاح شخصية سيدتنا زينب هو الحكمة؟
- نعم، فكانت حكيمة آل البيت، واشتهرت بسداد الرأى وحسن المشورة، وكثيراً ما كان يرجع إليها فى الرأى، ويُؤخَذ بمشورتها؛ لبُعْدِ نظرها وقوة إدراكها، واشتهرت السيدة زينب بألقاب عديدة، وهذه الألقاب تعكس جوانب وسمات عديدة فى شخصية السيدة زينب، منها العقيلة، والكريمة من النساء، و«السيدة»، و«الطاهرة»، و«صاحبة الشورى»، و«أم العواجز»، و«رئيسة الديوان»، و«عقيلة بنى هاشم».
السيدة زينب لها ارتباط خاص وعلاقة خاصة بمصر وأهلها؟
- نعم.. ومن ذلك على سبيل المثال، أنه عندما أرادت السيدة زينب الخروج من المدينة، قال لها سيدنا عبدالله بن عباس ناصحاً: «يا بنت بنت رسول الله، إن لم تجدى موطناً، فقلوب أهل مصر كلها موطن لك، اذهبى إلى مصر، فإن فيها قوماً يحبونكم لله ولقرابتكم من رسول الله»، وعندما دخلت مصر دخلت بمجموعة من أهل البيت الكرام، وسُر المصريون بقدومها وتشريفها لأرضهم، وخرج العلماء والقضاة وأصحاب الوجاهة والمكانة ومعهم الوالى يستقبلونها بالترحاب والحفاوة، فأهل مصر يعرفون لأهل البيت قدرهم وفضلهم، وقد أحبت السيدة أهل مصر، وأحبها أهل مصر، حتى عرف بين الناس: «عند بيت رئيسة الديوان يكرم المرء ولا يُهان»، ولذا قالت تذكر فضلهم وتدعو لهم: «يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله.. جعل الله لكم من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً»، وعاشت سنة بمصر تقريباً، ودفنت بها.
نموذج للإقدام والشجاعة
نصرت سيدنا الحسين نصراً مبيناً، وأنقذت المتبقى من آل البيت فى وقتها، فأفادت أهل البيت كلهم، وقد ثبتت وصمدت أمام الأعداء كالجبل الأشم تحاججهم وتكشف للمسلمين قبح حقيقتهم وتصحح ما يبثونه من سموم فكرية وشبهات عقدية، كذلك وهبها الله القدرة الفائقة على حسن التعبير والكلام المؤثر، فتميزت ببلاغتها وفصاحتها، وقد كانت أبلغ وأخطب وأشعر سيدة من أهل البيت خاصة، والنساء عامة فى عصرها، ومن ذلك خطبتها أمام يزيد بن معاوية، كل هذا وغيره، ساعد على تكوين شخصية قيادية بامتياز.