البسطاء يحلقون في السماء بحيواناتهم.. سيرالية «البحيري» تجسد الريف والتراث
إحدى لوحات محمد البحيري
رحلات مدهشة داخل البيئة المصرية الأصيلة وموروثها الشعبي، حرص الفنان محمد البحيري على تصويرها من خلال لوحاته، إذ اعتمد على رسم تفاصيل حياة الفلاحين البسطاء بطريقة سريالية بعيدًا عن النمطية، وذلك في معرضه الأول، ويهدف من خلال تلك اللوحات الفنية الحفاظ على التراث والمجتمع المحلي الصغير في الريف وحياة الفلاح المصري وأسرته.
تأثر «البحيري»، المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، بالسريالية وكانت موضوع دراسته للحصول على درجة الماجستير، ومن خلالها أبرز الطابع الخاص للمجتمع الريفي الذي نشأ به في مدينة طنطا، ورسم شخصياته بطريقة الفنتازيا بعيدًا عن الواقع التقليدي، حيث يتطور هذا الواقع بتتابع اللوحات الزيتية، ففي البداية ظهرت شخصيات الريف عابسة مثقلة بالهموم، ثم بدا عليهم الابتهاج والرضا منسجمين في عوالمهم الحالمة وسط أصوات المزامير ودقات الطبول وألحان الربابة ودمى الأطفال، يحتفلون برزق وفير أو يعيشون حالة نشوة روحية أو تأمل صوفي، في أجواء شاعرية ممزوجة بروح الفكاهة والسخرية.
الفلاح المصري بطل القصة ونموذج اللوحات
في عالمه السريالي، يظهر البطل وهو الفلاح المصري في مشاهد غير مألوفة، فتارة يعزف على المزمار جالسا فوق السحاب، وأخرى طائرًا في السماء فوق ظهر بقرة أو حمار يسير في أرض الأحلام أو مستقلاً قاربًا يسبح في الجو، وفي مشهد آخر يظهر زوجان في طائرة تحلق في سماء القرية، وفتاة اتخذت من «البطة» ركوبة استقرت على ظهرها، وعائلة سعيدة تمشي في موكب احتفال صغير حول «جاموسة» ضخمة الحجم استقلها بعض الأفراد، ليوصل الفنان إحساسًا فريدًا من نوعه للمشاهد، قائلاً في حديثه لـ«الوطن»: «رغم التحديات اللي واجهت أبطال لوحاتي، لكنهم بيحاولوا يتغلبوا عليها ويواصلوا السعي».
اللوحات تعبر عن كيفية مواجهة الفلاح الأعباء اليومية
أبطال لوحات «البحيري» صاحب الـ28 عامًا، يعبر من خلالها عن حياة البسطاء وكيفية مواجهتهم الهموم والأعباء المختلفة عبر الطيران فوق ظهور حيواناتهم التي يربوها ويعتنون بها، فترد لهم الجميل، وتأخذهم إلى عالم خيالي بعيدًا عن المشاكل، يعيشون فيه لحظات طويلة من السعادة عازفين بآلاتهم الموسيقية الشعبية، المتمثلة في المزمار والطبلة، لحن الفرح والرضا.
تحمل حالة الطيران في طياتها رغبة جامحة لدي هؤلاء البسطاء في التحرر من القيود التي يفرضها عليهم الواقع المُعاش، ليصيروا أبطالاً في العالم الوهمي الذي صنعه «البحيري» في لوحاته، موضحًا أنه أعد هذا المشهد بطريقة سريالية من خلال الحكايات والقصص السحرية النابعة من اللا وعي والتراث الشعبي، لتأخذ لوحاته المشاهد إلى عالم الأحلام وتنسج أسطور مصرية خاصة برؤية سريالية معاصرة.