«يا سيدي صالح.. اقضي المصالح» (ملف خاص)
«الوطن» تحتفي بذكرى مولد الإمام «الجعفري» وتشارك أبناء طريقته الاحتفال
الإمام الجعفرى
من أرض السودان إلى عاصمة مصر، حلّ الإمام صالح الجعفرى على الأزهر طالباً ودارساً، نفاذاً لرؤيا منامية مباركة من شيخه، فتشرّب بين جنبات الأزهر الشريف علوم الشريعة والفقه وأصول الدين، ومعها زاد الحقيقة من مشايخ مشهود لهم بالنورانية والصفاء.
فى الطريق، شب «الجعفرى» على نور إلهى وحب محمدى، كان له بالغ الأثر فى مسيرته العلمية والصوفية على مر الزمان.. فالشيخ الذى دخل ساحة التصوف عن طريق سيدنا أحمد بن إدريس، رضى الله عنه، وتتلمذ على يد الشيخ يوسف الدجوى وتأثر به، بات قطباً صوفياً يُهتدى بعلمه ومسلكه الإيمانى حياً ومنتقلاً، فضلاً عن كونه عالماً أزهرياً.
علّم الناس أصول الدين وأرشدهم للحقيقة الصوفية، بما ورثه من هدى نبوى، فصار لساناً لهداية الخلق وينبوعاً للحكمة بإلهام من المولى عز وجل، وصاحب كرامة مشهودة، منها ما رواه إمام مسجد عمرو بن العاص قبل يومين فى الاحتفال بمولده: كانت لى حاجة فوجّهنى الإمام الحسين إلى سيدى صالح، فذهبت إليه وأخذت أردد فى المسافة بينهما: «يا سيدى الشيخ صالح.. اقضى المصالح»، فوالله قُضيت حاجتى قبل أن أتحرك من المقام. خلّف الشيخ «صالح» من بعده ميراثاً عريضاً من الكتب والأشعار والحِكم، والأهم من ذلك ترك أبناء ومريدين يحفظون طريقه ويستقيمون فى مسلكه، داخل الطريقة الجعفرية الأحمدية المحمدية.
«الوطن» تحتفى فى هذا الملف بذكرى مولد الشيخ صالح الجعفرى ونجله الشيخ عبدالغنى رضى الله عنهما، التى أحياها أبناؤه ومريدوه، على مدار الأيام السابقة فى مقامه الطاهر بالقاهرة.. ونُهدى هذا العمل إلى محبى التصوف عموماً ومحبى الإمام صالح الجعفرى وأولياء الله الصالحين وأتباع الطرق الصوفية، على أن يكون الحديث هنا عن الطريقة الجعفرية بداية لسلسلة من الحلقات عن الطرق الصوفية فى مصر والعالم العربى وفروعها بأرجاء العالم.
بطاقة تعريف
تاريخ الميلاد: 15 جمادى الآخرة - 1328 هجرية - 1911م
مولده: بلدة دنقلا - شمال السودان
جذوره: قبيلة الأشراف - الجعافرة - صعيد مصر
والده: السيد محمد صالح محمد رفاعى
والدته كان لها بالغ الأثر النفسى والروحى فى حياته
حفظ القرآن الكريم وأتقنه بالمسجد العتيق بالسودان
تملّكه شغف القراءة منذ الصغر
أرسله والده إلى مصر لتلقى العلوم بالأزهر
تأثر بشيخه يوسف الدجوى وسار معه فى الطريق الروحى
تم تعيينه مدرساً بالجامع الأزهر فى عهد الإمام مصطفى عبدالرازق
كانت له حلقة من حلقات الدرس بالجامع الأزهر
تربى على يديه فى طريق التصوف والعلم آلاف المريدين
الوفاة: يوم 18 جمادى الأولى سنة 1399 هـ - 1979م
دُفن بمقامه بجوار مسجده الذى أنشأه قبل وفاته بحديقة الخالدين - بالدراسة - القاهرة
شيخه «ابن إدريس»
تربى الشيخ صالح الجعفرى فى الطريق الصوفى تحت عين مربٍّ واعٍ تخرج فى مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، شرب من ينابيع حكمته وارتوى من بحر علومه هو الإمام أحمد بن إدريس، مؤسس الطريقة الإدريسية التى تضرب بجذورها فى عمق التاريخ ويتصل سندها بالإمام أبى الحسن الشاذلى، وتعد المدرسة الإدريسية امتداداً للمدرسة الشاذلية التى أخذت منهجها على أساس قويم مفاده الكتاب والسنة دون غيرهما.
وكان تلقى الشيخ صالح الجعفرى للمنهج الإدريسى عن طريق تلاميذ الشيخ العلماء العالمين ولم يكن مباشرة من الشيخ ابن إدريس الذى توفى سنة 1253هـ ودُفن بمدينة صبيا فى اليمن قبل ميلاد الجعفرى.. وعن ذلك يقول الجعفرى: أجازنى بهذا الطريق (الإدريسى) شيخى وأستاذ مربى المريدين الشريف السيد محمد عبدالعال عن والده سيدى عبدالعال عن شيخه العلامة السيد محمد بن على السنوسى، عن شيخه أحمد بن إدريس رضى الله عنهم أجمعين.
قالوا عنه:
رضى الله عن «الجعفرى»
رضى الله تبارك وتعالى عن سيدنا ومولانا الإمام الجعفرى وعن ولده وخليفته ووارث الحال والمدد سيدنا الشيخ عبدالغنى، ندعو الله تعالى أن يعلى قدرهما فى الصالحين وأن يجزيهما الجزاء الحسن، ونسأل الله أن ينقلنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم وأن نشرب من كف النبى شربة لا نظمأ بعدها أبداً.
اللهم بارك يا رب فى الأكرم ابن الأكرم ابن الأكرمين، سيدنا وحبيبنا الشيخ محمد صالح عبدالغنى، واشرح صدره وانصره، ونسأل الله أن يرقيه فى المدارج العلوية ببركة أبيه وجده وجدهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
د. على جمعة شيخ ومؤسس الطريقة العلية الشاذلية
«الجعفرية».. ولاء وانتماء
توارد الخواطر والأفكار يسمى أحياناً بـ«الصدفة»، لكنه عند أهل الذوق والتصوف يكون أمراً من مشايخ الطريق. وقد تم اختيار شعار «الطريقة الجعفرية فى أربعة عقود.. نهج سوى وعهد قوى» هذا العام، وهو شعار له مدلوله، فهذا العام يؤرخ للانتماء والولاء، وعن الانتماء نقول: كن جعفرياً شكلاً ومضموناً، شكلاً لتتمثل كما قال سيدنا الشيخ صالح: يراه الناس فى زيى.. ومضموناً بالتمسك بالمنهج الجعفرى القويم». وأركان الطريق عندنا: شيخ، ومنهج، وتلميذ، تلميذ يتتلمذ حقيقة بتلقى العلوم أو الإرشاد. فلدينا الشيخ، ولدينا المنهج، ولدينا التلميذ، ويبقى الولاء والانتماء.. والطريقة بإذن الله محفوظة بنهجها القويم، وبتلاميذها المخلصين.
الحسين عبدالغنى الجعفرى نائب عموم الطريقة الجعفرية الأحمدية المحمدية
كرامة.. لسيدى «صالح»
قابلت سيدى جودة أبواليزيد المهدى منذ أكثر من عشرين عاماً هنا عند سيدى الشيخ صالح الجعفرى، رضى الله عنه، وقال لى: إذا كانت لك عند الله حاجة فزر سيدنا الشيخ صالح واقرأ سورة يس، فكانت لى حاجة، فذهبت إلى سيدنا الإمام الحسين، عليه السلام، وسلمت وقرأت، فوجهنى مولانا الإمام الحسين إلى سيدنا الشيخ صالح، فأخذت أردد فى المسافة بينهما: يا سيدى الشيخ صالح.. اقضِ المصالح، وحضرت لمقام الجعفرى وسلمت، وقرأت يس، فوالله قُضيت حاجتى قبل أن أتحرك من المقام. فافرحوا بآل البيت، افرحوا بآل الجعفرى، فهم نور من نور فى نور، وعطروا الدنيا بالصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.
الشيخ يسري عزام إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص