رسائل الإمام في حب «المحروسة»: «أَصبَحَت نَفسي تَتوقُ إِلى مِصر»
مسلسل الإمام الشافعى
«لَقَد أَصبَحَت نَفسى تَتوقُ إِلى مِصرِ.. وَمِن دونِها أَرضُ المَهامَةِ وَالقَفرِ.. فَوَاللَهِ لا أَدرى أَلِلفَوزِ وَالغِنى أُساقُ إِلَيها.. أَم أُساقُ إِلى القَبرِ»، هكذا كتب الإمام الشافعى أبياته الأدبية فى حب مصر وأهلها، البلد الذى كان بمثابة المحطة الأخيرة التى استقر فيها حتى مماته، وجدّد فيها مذهبه، وأعاد كتابه الأهم تحت عنوان «الرسالة»، وقدّم فتاوى جديدة تتناسب مع البيئة والأهل والزمان.
لقى مسلسل الإمام الشافعى تفاعلاً واسعاً بين الجمهور منذ بث الحلقتين الأولى والثانية، وأصبح المتابعون يتبادلون على مواقع التواصل المشاهد التى علقت فى أذهانهم وأثارت اهتمامهم، ومنها مشهد يخص «الأحواف» خلال محاولتهم اعتراض قافلة الأمير عبدالله بن العباس بن موسى ابن والى مصر، وقبل أن تبدأ المعركة بين الفريقين يلحق الإمام الشافعى بالركب ويمنع الاقتتال، وتترك الأحواف موكب ابن العباس يمر احتراماً للإمام، فيقول صهيب زعيم الأحواف: «كلامك مسموع ومطاع يا إمام.. والله لا تسأل قافلة فيها إمام جليل مثلك عن طريقها».
أستاذ التاريخ الإسلامى بالأزهر: قدّم تجربة فريدة للتجديد الدينى ومراعاة ظروف الزمان والمكان
كانت مصر للإمام الشافعى مرحلة مهمة فى حياته الفقهية، حيث شهدت تلك الفترة تجديد الفكر الدينى الخاص بالإمام، فأعاد النظر فى بعض الكتب، مثل كتاب الرسالة، وألف فى مصر كتابه الشهير المعروف بكتاب الأم، وهو عبارة عن كتاب كبير يحتوى على الكثير من المؤلفات.
وبدأت شرارة التجديد لدى الإمام الشافعى عندما رأى التعصّب الشديد من أصحاب مذهب الإمام مالك، وقيام أتباعه بتقديم كتبه على الأحاديث النبوية، ووقتها قرّر الإمام الشافعى تأليف كتاب للرد على أتباع المذهب المالكى، منبهاً إلى أن الإمام مالك من البشر، والبشر وارد وقوع الخطأ منهم. وقالت الدكتورة نهلة أنيس، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر، إن الإمام الشافعى ارتبط بصورة غير مسبوقة فى أذهان الكثيرين، وبلغت علاقته مع المصريين مبلغاً كبيراً من المودة والمحبة، وذلك منذ قدومه إلى مصر التى وطئت قدمه بها عام 200 هجرية، وهى الفترة التى تُعد من أهم الفترات العلمية والفقهية فى حياة ورحلة الإمام، وقدم الإمام الشافعى فى مصر تجربة فريدة فى التجديد الدينى ومراعاة ظروف الزمان والمكان، واختار العيش فى مصر حتى وفاته.