بعد الانتهاء من عاصفة الإعلان الدستورى مرورا بعاصفة الاستفتاء على الدستور والخروج من معارك كثيرة بين الأطراف السياسية المختلفة نجد أنفسنا الآن فى واقع جديد وأمام تحديات جديدة. أول ما أذكر هنا ستكون آثار الانقسام السياسى الحاد وآثاره الاجتماعية التى شعر بها تقريبا كل بيت فى مصر. هذا الوضع الذى وصلنا إليه اجتماعيا وسياسيا يضرب لنا جرس إنذار يلزمنا جميعا الانتباه له ولآثاره التى قد تكون أكثر ألما وتهديدا للوطن إذا تكررت مرة أخرى.
هل فعلاً نحن لدينا معارضة؟ وما هو تعريف المعارضة فى ثقافتنا؟ هذان سؤالان من ضمن مجموعة أسئلة كثيرة ومتعددة حول مفهوم المعارضة السياسية فى الغرب وارتباطها بالواقع السياسى الحقيقى
بعد انتهاء الاستفتاء وإعلان النتيجة بالموافقة على الدستور، يجب على الجميع إدراك متطلبات هذه المرحلة. دستور جديد يؤسس لبناء مؤسسات الدولة بشكل سريع لننتقل إلى مرحلة الإدارة الشاملة لهذا الوطن من خلال هيئاته المنتخبة.
بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاستفتاء بقبول مسوّدة الدستور وبما أن التوقعات بانتهاء المرحلة الثانية بنتيجة متقاربة، أود أن أضع رؤية تحضيرية للمرحلة المقبلة بناء على هذا التصور لنكون على استعداد ذهنى لما هو قادم
خلال الفترة الماضية عايشنا جميعاً حجماً كبيراً من الأحداث والمتغيرات فى الواقع السياسى المصرى وانعكاساته فى الشارع التى تابعها المصريون بقلق بالغ وربما بحزن وخوف من المستقبل. التيارات السياسية ووسائل الإعلام تبارت فى إرسال رسائل التخويف والتهويل بل والبكاء والعويل على كل ما يحدث بشكل مبالغ فيه، وهذا لا يعنى إطلاقاً أننى أقلل من حجم الأحداث والتطورات فى الفترة الماضية، بل أريد أن أضعها فى حجمها الصحيح.
السبت الماضى، نزل عدد غير مسبوق من المنتمين للتيار الإسلامى أمام جامعة القاهرة وصاحبهم الكثير من المصريين الذين يؤيدون الإعلان الدستورى، والذى أثار دهشة المتابعين لهذا المشهد أمران، الأول: هو العدد الكبير الغفير الذى تعدى الملايين بشكل أذهل كل المراقبين على الأرض والمتابعين للحراك الشعبى، أما الأمر الثانى فهو توحد هذه الحشود على التظاهر ضد التيار العلمانى والمناداة بالشريعة ونصرة الرئيس المنتخب محمد مرسى.
قبل ما أدخل فى الموضوع، ونبحر فى تجاوزات الدكتور البرادعى الأخيرة، أود أن أذكِّر القراء الأعزاء بأمر هامّ. أنا قمت بانتقاد الرئيس فى أكثر من مقالة، وطالبتُ بتطهير الداخلية بشكل واضح وصريح وأعلنتُ صراحة رغبتى فى إقالة حكومة هشام قنديل بعد حادثة القطار، فمن الآخر كده أقول ما أشعر به وأعتقده وأسعى أن يكون انحيازى إلى الحق بموضوعية.
حادث قطار أسيوط -هذا الحادث الأليم الذى زاد من عمق الجراح التى يعيشها الوطن فى هذه الأيام- جاء ليتوج مرحلةً شهدت الكثير من الأحداث والصراعات
فى ظل الأحداث الجارية، والسِّجال الواضح حول الدستور وقضية الشريعة، أحب أن أُشْرِك أصدقائى وأحبائى فيما يجول فى نفسى وما أعتقده وأومن به، قد أصيب، وقد يجانبُنِى الصواب، ولكن على الأقل هذا تصورى الذى أَدِينُ اللهَ به.
كثيرٌ من المصريين ينتابهم القلقُ من الأوضاع التى تمر بها البلادُ على أكثر من صعيدٍ، وهناك حالةٌ من الارتباك وعدم الفهم، والإحساس بأن الأمور ليست محكمةً أو تحت السيطرة