السبت الماضى، نزل عدد غير مسبوق من المنتمين للتيار الإسلامى أمام جامعة القاهرة وصاحبهم الكثير من المصريين الذين يؤيدون الإعلان الدستورى، والذى أثار دهشة المتابعين لهذا المشهد أمران، الأول: هو العدد الكبير الغفير الذى تعدى الملايين بشكل أذهل كل المراقبين على الأرض والمتابعين للحراك الشعبى، أما الأمر الثانى فهو توحد هذه الحشود على التظاهر ضد التيار العلمانى والمناداة بالشريعة ونصرة الرئيس المنتخب محمد مرسى.
الذى أود الإشارة إليه هنا أن هذا الحشد الكبير وهذه المطالبات التى شاهدناها جميعاً يوم السبت الماضى هو انعكاس للواقع السياسى الحالى وما أفرزه هذا الخلاف من تداعيات يجب الوقوف عليها.
عندما خرج المعترضون على الإعلان الدستورى فى سياق خلاف سياسى حول إطار محدد استقبله الكثيرون بنوع من القبول بغض النظر عن الرضا أو الرفض؛ لأن التنوع السياسى يسمح لمثل هذه الممارسات فى مرحلة الحريات السياسية التى اقتنصها الشعب بعد الثورة.
لكن ما أثار التيار الإسلامى بشكل كبير هو تحول هذا الموقف السياسى إلى مطالبة واضحة لإسقاط النظام والمطالبة برحيل الرئيس المنتخب، هذا بالإضافة إلى ما صاحب هذا الأمر من استعداء واضح للتيار الإسلامى والدعوة إلى إحراق وتدمير مقرات حزب الحرية والعدالة وانتشار هذه الدعوات على صفحات حزبية مناوئة للأسف الشديد.
من هنا يجب أن ندرك أن انتقال المشهد من الخلاف السياسى إلى صراع على خلفية الهوية هو حقيقة إثارة التيار الإسلامى وزيادة وتيرة غضبه بشكل كبير.
الحقيقة أن أى خطاب خارج على النص المشروع سيكون لعباً بالنار وأن التحركات المريبة والمواقف العجيبة والتصريحات المشبوهة لبعض النخب فى هذه الآونة يعد تأجيجاً لحالة الغضب الداخلى وسعياً لصناعة حالة من الفوضى التى قد تصب فى مصلحة بعض التيارات على حساب التيارات الأخرى، وقد ذهبت حماقة البعض إلى الحديث عن مجلس رئاسى ليضرب المثل بالإجرام فى حق الوطن فى هذه الآونة التى لا تتحمل مثل هذه الترهات.
الآن وقد طرح الرئيس الدستور للاستفتاء، يجب على الجميع العمل على الاطلاع على مواده لتحديد الموقف الموضوعى من نصوصه ومستقبل الوطن من خلاله ليحدد موقفه الحر منه بالتصويت بنعم أو لا.
ويجب على الرئيس توضيح المسارات المختلفة سياسياً بناءً على كلتا النتيجتين لكى يكون المواطنون على بينة من أمرهم عند التصويت على الدستور.
ويجب على كل الذين يملأون الدنيا ضجيجاً بمقولة ديكتاتورية الرئيس أن يهدأوا قليلاً ويعملوا على الانتهاء من هذه المرحلة عبر الإجراءات الديمقراطية الممنوحة لنبدأ مرحلة جديدة من عمر الثورة لكيلا يسقط الوطن ولا نجد أنفسنا أمام هاوية الفوضى وخيارات الأفضل منها أسوأ مما يتخيله الكثيرون.