مشروع قانون الجمعيات الأهلية يثير الجدل بسبب المنح والمعونات
أثار مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي طرحه حزب الحرية والعدالة في مجلس الشعب الكثير من الجدل بين الجمعيات، التي تنوعت ردود أفعالها بين التأييد والرفض والبعض الآخر دعي للتمهل قبل إصداره، وحتي الآن مازال مشروع القانون أمام لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب برئاسة النائب محمد أنور السادات، ومن غير المعروف حتى الآن إن كان سيمرر القانون أم سيظل في إطار النقاش والتداول للوصول للصيغة الأنسب التي تضمن للجمعيات، وبخاصة منظمات المجتمع المدني، حرية ممارسة دورها.
يؤكد الناشط الحقوقي حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن مشروع القانون الحالي أفضل كثيرا من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية المعمول به حاليا رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية رقم 178 لسنة الذي يحمل في طياته الكثير من القيود والمعوقات، ووصفه بأنه مشروع قانون جيد ويعتبر خطوة متقدمة معربا عن تفاؤله به، وأشار أبوسعدة إلي أن "مشروع القانون الحالي يتضمن تعديلات جوهرية علي القانون السابق من شأنها تعزيز قيم حقوق الإنسان والدفاع عن المواطن البسيط".
وأوضح أبو سعدة أن "لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب دعت ممثلي الجمعيات الأهلية أكثر من مرة للاجتماع معهم للمناقشة حول القانون، وقدمت تصورها لمشروع القانون والذي تقوم لجنة حقوق الإنسان بدراسته، إضافة إلي الكثير من التصورات الأخرى"، وقال "إن مجلس الشعب هو وحده صاحب القرار"، مشيرا إلي توقعه بعدم صدور القرار خلال الفترة الحالية.
وبالنظر إلي مشروع القانون الجديد نجد أنه يعطي للدولة السلطة المطلقة لإغلاق أي جمعية أو مؤسسة أهلية تحصل علي تمويل من الخارج، وكذلك الحصول علي إذن من الدولة ممثلة في وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية قبل الانضمام لأي تحالفات دولية، وهي البنود التي اعتبرتها داليا زيادة، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، "مرفوضة تماما"، لأنها تزيد من القيود الموضوعة علي الجمعيات، وقالت زيادة "يوجد مخطط كبير من الحكومة الحالية لتقويض المجتمع المدني وإضعافه والتشكيك فيه، والذي كان له دورا متزايدا في المرحلة السابقة، وتعرض للكثير من الهجمات الشرسة، والتي أعاقت من دوره الرقابي في الانتخابات الرئاسية.
وأضافت داليا أن "الجمعيات كانت تتحايل علي قيود التمويل إما بإنشاء شركة مساهمة والعمل من خلالها، أو حتي إنشاء المؤسسة الحقوقية خارج مصر في أي دولة ديمقراطية لديها قدر كبير من الحرية، ثم ممارسة النشاط في مصر من خلال مكتب فرعي، ومشروع القانون الحالي لن يحل هذه المشكلات، فهو يحاول تقييد المنح والمعونات الأجنبية، على الرغم من أننا كمجتمع لا نمتلك منظومة لتمويل المجتمع المدني مثل بعض الدول الأوروبية، التي تجعل دافعي الضرائب يمولون هذه المؤسسات"، وقالت إن الموقف من المنح والمعونات "ينبغي أن يكون واحدا لدي لكل الأطراف سواء مؤسسات الدول الرسمية أو الجمعيات الأهلية".
وترى زيادة أن مشروع القانون الحالي "لا يضع في اعتباره أن المجتمع المدني هو همزة الوصل بين الناس والحكومة، ويضع قيودا علي حق تأسيس الجمعيات، على الرغم من أنه حق طبيعي لأي مجموعة من الأفراد لديهم اهتمام مشترك، ويبحثون عن تأسيس كيان يجمعهم.
وتطالب داليا زيادة منظمات المجتمع بالاجتماع والتوحد حول وضع بنود عامة لعمل المنظمات الأهلية، يتم تقديمه لكلا المرشحين في انتخابات الرئاسة، حتي لا تجد المنظمات نفسها في مهب الريح"، علي حد قولها.
وكانت 25 منظمة حقوقية وجمعية أهلية قد تقدمت ببيان رسمي أعلنت فيه رفضها المطلق للمشروع الجديد لقانون الجمعيات الأهلية، الذى أعدته وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية، وقالت إنه يستهدف تأميم المجتمع المدني، من خلال تنظيمه، كما لو كان أحد الأجهزة الإدارية للدولة، واعتبار العاملين فيه موظفين لدى الدولة، فضلاً عن تبنى القانون عدة قيود تعسفية جديدة، تسعى إلى إرهاب النشطاء العاملين فى هذا الحقل، وحذرت البرلمان من نجاح الحكومة في تمريره.
البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان، واحدة من المؤسسات التي أصدرت هذا البيان، ويوضح حجاج نايل أحد أعضاء الجمعية أن مشروع القانون يعبر عن مشكلة حقيقية لدي دوائر الحكم تتمثل في عدم القدرة علي فهم ماهية دور العمل الأهلي، فهو عمل غير حكومي وغير هادف للربح لكنه شريك في التنمية، ويضيف بأن "المسودة الحالية للقانون ترسخ من تبعية الجمعيات الأهلية لوزارة الشؤون الاجتماعية بداية من التأسيس مرورا بممارسة النشاط وحتي سلطة الحل".
وتابع أن "قانون العقوبات المصري وضع المحددات الكافية لحل نشاط أو عمل يعتبر خرق للأمن القومي، وبالتالي لا يعقل أن يقوم قانون الجمعيات الأهلية بوضع نص قانوني يجرم ما جاء به قانون العقوبات، وأشار إلي أن المشكلة تتمثل في الأساس بالعقلية الأمنية التي تهيمن علي العمل الأمني و السياسي.