محاكمة مبارك | حقوقيون: الإعدام عقوبة غير إنسانية.. ونرفضها بغض النظر عن الجرائم
اتخذت عدد من الجمعيات الحقوقية موقف "رفض عقوبة الإعدام"، وطالبت بتقنينه وقصر تنفيذ العقوبة على جرائم محددة، وذلك لأنها العقوبة الوحيدة التي لا يمكن تدارك الخطأ فيها إذا ثبت براءة من نفذت فيها العقوبة، ومع قرب موعد الجلسة النهائية لمحاكمة مبارك يتبادر السؤال، كيف سيكون موقف الجمعيات الحقوقية الرافضة لعقوبة الإعدام ما إذا انتهت محاكمة القرن بتوقيع حكم الإعدام.
ويقول أيمن عقيل مدير مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية، أحد المراكز الحقوقية التي تنادي بتقنين الجرائم التي ينتهي الحكم فيها بالإعدام وعددها 105 جريمة لتصبح 4 جرائم فقط، وهي القتل العمد والخيانة العظمى وخطف وهتك عرض أنثى وأخيرا التجسس، وأشار إلى أن هذه المطالبات بدأت منذ عام 2007، والهدف منها هو إقرار مبدأ عام غير مرتبط بأشخاص أو قضايا معينة.
أضاف عقيل قائلا إنه في حالة محاكمة مبارك إذا وجد القاضي أنه يستحق الحكم عليه بالإعدام إما لعقوبة القتل العمد أو الخيانة العظمى، ففي هذه الحالة تعتبر رؤية القاضي التي لا يمكن الخلاف حولها، مشيرا إلى الثقة في نزاهة الهيئة القضائية التي تنظر القضية.
وأوضح عقيل أن الهدف من العقوبة هو الردع والإصلاح وليس الثأر والانتقام، وهو ما أكدت عليه العهود والمواثيق الدولية التي طالبت بالحد من العقوبة وتقليص استخدامها، وهو ما تسعى بعض الدول العربية إلى تحقيقه مثل تونس وفلسطين والجزائر ولبنان والمغرب التي توقفت منذ عام 1993 عن إصدار أحكام بالإعدام في القضايا المختلفة؛ حيث إن العقد الاجتماعي بين المواطنين والسلطة اعتمد على التفويض بالعمل على منفعة المواطنين وليس إزهاق أرواحهم.
فيما أوضح ناصر أمين المحامي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن عقوبة الإعدام تحظى بالرفض العالمي، لأنها عقوبة قاسية تعتدي على الحق في الحياة، وهو حق أصيل أقرته الدساتير العالمية، لأن حق الإنسان في الحياة لا يمكن انتزاعه، ومكن ثم فعند توقيع عقوبة الإعدام يضيع منه هذا الحق، وهو أمر لا يختلف كثيرا عن جرائم القتل العمد التي يجرمها القانون.
وأضاف ناصر قائلا إن العالم كله يتجه لإلغاء عقوبة الإعدام تماما مهما كان الجرم المرتكب، وفي حالة محاكمة مبارك، فمبدأ الإعدام مرفوض بغض النظر عن الشخص الموقعة عليه العقوبة، فهي عقوبة لا إنسانية ولا يمكن التراجع عنها في حالة حدوث خطأ أثناء المحاكمة وهو أمر وارد، بينما عقوبة السجن مدى الحياة يمكن التراجع عنها.
منذ عام 2010 أطلقت حملة للمطالبة بالقضاء على تنفيذ عقوبة الإعدام في مصر وكل الدول العربية ولا تزال مستمرة حتى عام 2013، ويقول ناصر أمين إن الأردن أوقفت تنفيذ عقوبة الإعدام، ويذكر تفجيرات فندق راديسون الإرهابية التي راح ضحيتها المخرج مصطفى العقاد وتم إصدار حكم الإعدام على الجناة، لكن مع وقف التنفيذ.
ويوضح ناصر أمين أن الشريعة الإسلامية جاءت بقدر كبير من التسامح، فعندما أقرت عقوبة القتل أقرت معها الدية، لتنشر قيم التسامح حتى لو كان الشخص آثما، كما أن كثيرا من الدول الإسلامية أخذت التفسير الأقرب للإنسانية ورفضت تطبيق الحدود الشرعية، وذلك بإجماع من الفقهاء لاستحالة تطبيقها لعدم ضمان وجود مناخ قضائي عادل لا يتأثر بالأهواء الشخصية ولا حكومات تستخدم العقوبات الشرعية على اعتبارها واجهة للقضاء على خصومها السياسيين، وقال إن النص القرآني جاء فيه: "من عفى وأصلح ذلك أفضل عند الله".