فى ظل حالة من الترقب والغموض المحيط بالأحداث ومجرياتها لا تجد على ألسنة الجميع سوى التساؤل فقط. ففى تلك الظروف لا مكان لإجابات، الجميع يتحدث بلا قدرة على تحديد رؤية لما ستصبح عليه أيامنا المقبلة فى ظل ألعاب «طنت كيما» الشهيرة باسم الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة الكلمة العليا فى الأحداث، التى يحلف الجميع باسمها وينتظر ردة فعلها تجاه مجريات الأمور وموقفها منها. الجميع يلعب معها مع اختلاف الأساليب، ولكنهم يعلمون أن طنت كيما ليس لها أمان وأن «المتغطى بها عريان» كما كان يقول مبارك، لأنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة حتى من دون أى إنذار. فهى لا تعرف سوى لغة المصالح التى تقررها حسب ما تقتضيه رؤيتها. والحقيقة أن المتابع للأحداث الأخيرة لا بد أن يتوقف أمام الكثير منها ليدرك أن بوادر تغيير تحدث، إن لم يكن فى مسار النتيجة النهائية، فإنه على الأقل تغيير فى التكتيك العام لأسلوب إدارة الأمور والعلاقات. بدءاً من زيارة الحاجة باكينام الشرقاوى مستشارة الرئيس والوفد المرافق لها لطنت كيما فى أعقاب زيارة كيرى لمصر، وتقديم كافة التعهدات بأن ما رآه الرجل من مظاهر كراهية للأمريكان والإخوان فى مصر غير صحيح، وأن الجماعة لم تنته من عروضها بعد وما زال لديها الكثير لتقدمه لخدمة طنت كيما. مروراً بزيارة اللواء محمد العصار رجل مفاوضات التسليح مع الأمريكان، بشكل غير معلن لطنت كيما هو الآخر. وما تلى تلك الزيارة من إعلان قطر وقف ضخ 5 مليارات دولار كانت تنوى استثمارها فى مصر!! ياه هكذا فجأة؟ ثم تجميد الاتحاد الأوروبى لمساعداته لمصر لحين تحسن أحوال حقوق الإنسان بها، لا حرمنا الله رقة قلب الاتحاد! انتهاءً بتسريب المعلومات فى وسائل الإعلام عن أن قتل جنودنا الستة عشر فى سيناء أثناء تناولهم طعام الإفطار فى رمضان الماضى، كان بفعل ثلاثة من أعضاء حماس من بينهم أيمن نوفل الهارب من سجن المرج أثناء ثورة 25 يناير! وسبحان مغير الأحوال الذى يغير ولا يتغير. ولكن يبقى السؤال.. هل قررت طنت كيما تغيير اللعبة أم تغيير وسائل اللعب؟ بمعنى هل أخذت طنت كيما حاجتها من الإخوان وقررت التخلص منهم عبر الضغط الاقتصادى عليهم بقطع المساعدات الخارجية، وتركهم لفشلهم الاقتصادى النابع من تعاملهم مع ملف اقتصاد مصر بمنطق الشاطر فى إدارة سلسلة محلات البقالة التى يمتلكها؟ أم أنها فقط تغير من وسائل اللعب معهم ومع غيرهم من القوى السياسية فى مصر والمنطقة؟ وهكذا نتحدث عن التغيير فى الأقوال والأفعال معاً. حتى جماعة الإخوان عبر زعيمها الأول خيرت الشاطر، تغير هى الأخرى فى تكتيكها وتتراجع للوراء خطوات فى محاولة لامتصاص الغضب الشعبى، كما تبحث عبر قنوات عديدة للاتصال مع المعارضة عن إقناعهم بضرورة التفاوض مجدداً وتقسيم التورتة -على شاكلة ما حدث قبل إعلان النتيجة النهائية لانتخابات الرئاسة فى فندق الفيرمونت- محذرة إياهم من عودة المؤسسة العسكرية لحكم البلاد! ولكن المعارضة، وعملاً بمقولة عبدالناصر التى قالها زمان بأن الإخوان مالهومش أمان!، لم تعد تثق فى أى اتفاقات مع تلك الجماعة، ناهيك عن الانشقاقات المعلنة لبعض رموز تيار الإخوان بدعوى عدم رضائهم عن سوء إدارة الجماعة لأمور البلاد الذى وصفوه بالارتباك! وهو أمر لم يعد يقبله عقل يعلم أن جماعة الإخوان لديها بدائل لأوقات الأزمة تستخدمها بين الحين والآخر، مثل حصان طروادة لتفتيت الجبهات المعارضة أو امتصاص غضب الآخرين أو الحفاظ عليهم من الاحتراق. إذن هناك تغييرات على أرض الملعب ولكن لصالح من ستكون النتيجة؟ لصالح طنت كيما وفريقها؟ أم لصالح إيزيس وأبنائها؟