بالصور| "شكسبير العرب".. الراحل بلا رثاء
الدكتور إبراهيم مغربي
رجل قصير القامة قوي البنية ممتلئ بالحيوية والنشاط طلق اللسان، ينافس أصحاب اللغة الإنجليزية في لغتهم بل أنهم يحبون أن يستمعوا منه، كما أنه يتقن اللغة العربية وكأنه من أربابها إنه الدكتور إبراهيم محمد مغربي، رئيس قسم اللغات الأجنبية، بكلية التربية جامعة المنصورة الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 87 عاماً حافلة بالعطاء.
أطلق عليه تلاميذه بالكليات المختلفة "الآداب والتربية والألسن" لقب "شكسبير العرب"، لإتقانه وحفظه روايات شكسبير، حيث كان يشرحها لهم وكأنه يمثلها على خشبة المسرح، فكان يقف ليلقي المحاضرة فتسمع منه اللغة كما ينطقها أهلها وكان يقوم بـ "مسرحة" روايات الأدب الإنجليزي والعالمي، ورواياته وخاصة ما كتبه "شكسبير" و"شارلز ديكنز" و"جورج إليوت" وغيرهم، فتراه يجسد شخصيات الرواية الانجليزية أو المسرحية الإنجليزية كواحد من أبرع الممثلين في هذا المجال.
كان يستضيف طلابه في مكتبه على هيئة مجموعات صغيرة ليجري معهم حواراً شفهياً حول ما قام بتدريسه لهم خلال العام الدراسي ليطمئن بنفسه على طلاقة النطق وإجادة قواعد اللغة وغير ذلك من المهارات التي يحتاجها المعلم في حياته العملية فكان كلا منهم يحرص أن يجود مادته كأفضل ما يمكن.
أرسلت إليه دعوة من جامعة مينسوتا للتدريس بها لمدة 9 أشهر والقيام بتدريس مسرحيات يختارها من مسرح شكسبير والمسرحيات الأمريكية لكنه فضل القيام بالتدريس في الجامعات المصرية والالتزام بالإشراف على أقسام اللغة الإنجليزية في الجامعات المصرية وكذلك الإشراف على الرسائل العلمية بمصر.
ذاع صيته خارج مصر فحصل في عام 2012 على تقدير مميز بأنه واحد من 100 شخصية عالمية في مجال تخصصه وخدمة مجتمعه، وقبلها وفي عام 1997 حصل على تقدير كبير من مركز السيرة الذاتية بكمبردج بأنه واحد من ألف شخصية عالمية في مجال تخصصه وخدمة بلده، وكان آخر ما حصل عليه هي الدكتوراه الفخرية من جامعة كامبردج 16 مايو 2015 وهو في عمر 85 عاماً.
ظل يعمل حتى آخر حياته، كأستاذ متفرغ بكلية التربية جامعة المنصورة ما عرف عنه سوى النشاط والانضباط والعطاء السخي، بل أنه كان يرفض استخدام المصعد ويصر على صعود السلم بالرغم من كبر سنه.
وأشرف الدكتور المغربي على ما يزيد عن 150 رسالة ماجستير ودكتوراه بكلية التربية جامعة المنصورة بالإضافة إلي مختلف الجامعات المصرية كما أنه ناقش 560 رسالة دكتوراه وماجستير في نحو 13 كلية مصرية بالآداب والتربية والألسن، وأرسلت إليه فرنسا دعوة لزيارتها وقام بعمل العديد من الاتصالات التي نجم عنها عقد اتفاقية بين جامعة المنصورة وثلاث جامعات فرنسية، واختير عضوا في لجنة الاختيار لجائزة الكويت لعام 2015
وبالرغم من كل هذه الحياة الحافلة والعطاء السخي المتميز، استمر الراحل لأكثر من 60 عاما من التدريس لم يحصل على الرثاء أو النعي الذي يستحقه على مستوى جامعة المنصورة التي هو ابنها، ولا باقي الجامعات المصرية ولا على المجال الرسمي للدولة.