شهدت سيناء عملية إرهابية مجرمة، استهدفت الكتيبة 103 المعنية بتأمين الحدود المصرية فى شمال سيناء، وبشكل خاص الحدود مع قطاع غزة، كمين البرث، وذلك يوم الجمعة وأدت الى استشهاد قائد الكتيبة، وحوالى 28 من الجنود والضباط وعدد آخر من المصابين إصابات بالغة، وكان الهدف بالطبع السيطرة على هذه النقطة الحدودية ورفع علم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فيما يسمى ولاية سيناء، وفقاً لشهود عيان، فإن هذه العملية شهدت استخدام كمية ضخمة من المتفجرات، بالإضافة إلى عدد من الأسلحة الثقيلة ومضادات أرضية للطيران وهو ما يعد تطوراً نوعياً فى العمليات الإرهابية فى هذه المنطقة ويكشف عن تمويل كبير استخدم فى الإمداد بهذه النوعية من الأسلحة، فضلاً عن توافر التدريب للعناصر التى يتم تجنيدها، فمن يمول ويجند ويمد بهذه النوعيات من الأسلحة والمتفجرات؟
ولم تكن هذه هى المحاولة الأولى للسيطرة على قطعة أرض ورفع علم عليها، والإعلان عن سيطرة على جزء من الأراضى وإقامة نظام عليها مهما كان حجم هذه المنطقة، فقد سبق ذلك محاولة عام 2015 استهدفت قسم الشرطة وبذات الطريقة وهذه الكمية الكثيفة من النيران وأنواع من الأسلحة المتقدمة، لولا بسالة جنودنا وقواتنا المسلحة لكانت هذه المجموعة تسيطر على هذه المنطقة وترفع علمها وتدخل البلاد فى أزمة تعطى للتدخل الدولى باباً واسعاً، الأمر الذى يكشف عن دور لأجهزة استخبارات ودعم دولى، ولا شك أن الحكومة تدرك هذا ولديها معلومات موثقة عن تورط أطراف دولية تسعى لزعزعة الأوضاع فى مصر، لذلك كان موقف الحكومة المصرية من دولة قطر ودعمها لبعض القوى السياسية، ولا شك أن بعض هذا الدعم والتمويل لا شك يصل إلى الجماعات المسلحة التى تنشط فى سيناء .
فى مواجهة الأعمال الإرهابية يجب ألا تفلت الدول الداعمة للإرهاب من مسئوليتها تجاه دعمها وتمويلها فى الأعمال الإرهابية وهذا ما اتفق عليه القانون الدولى، فإذا كانت الدولة لا تتحمل مسئولية فى حال قيام أفراد عاديين بارتكاب جرائم أو المشاركة فيها فإنها تعد مسئولة إذا ارتكب هذه الجرائم أفراد يعملون بشكل رسمى فى الدولة ويؤكد هذا حكم محكمة العدل الدولية الصادر فى 24 مايو 1980 بشأن قضية الرهائن فى السفارة الأمريكية فى طهران، الذى تضمن تطبيقاً نموذجياً واضحاً لإسناد المسئولية الى الدولة تأسيساً على ما قرره العرف الدولى من التزام الدول ببذل العناية المكفولة لكفالة احترام قواعد القانون الدولى على إقليمها صاحبة السيادة عليه، كما أن قرارات مجلس الأمن بشأن مكافحة الإرهاب أقرت بالتزام الدول، التى اعتبرها الفقهاء بمثابة تشريعات دولية ملزمة وأهمها طبعاً هو القرار رقم 1189 لسنة 1998 الذى بموجبه تمتنع كافة الدول الأعضاء عن تنظيم أى أعمال إرهابية فى دولة أخرى أو التحريض عليها أو المساعدة أو المشاركة فيها على أى صورة من الصور أو قبول أنشطة منظمة فى أراضيها بهدف ارتكاب تلك الأعمال، ثم تلا ذلك وبعد أحداث 11 سبتمبر القرار رقم 1368 الذى اعتبر، مثل هذه العمليات الإرهابية تهديداً للسلم والأمن الدوليين وأعلن مجلس الأمن بموجب هذا القرار عن استعداده لاتخاذ كافة الخطوات الضرورية لمكافحة كافة أشكال الإرهاب.
إذاً، دون مساءلة الدول الداعمة للإرهاب وتطبيق قواعد القانون الدولى على تلك الدول ستستمر العمليات الإرهابية وتتصاعد فى تهديد مستمر للأمن والسلم الدوليين ولاستقرار الدول، فعلى مصر أن تعمل بشكل مستمر لمحاصرة الدول والحكومات التى تمول الإرهاب وتسهل عمليات التجنيد ونقل الأشخاص والأموال والمعدات وتوفر معسكرات التدريب والعمل على ألا يفلت قادتها من العقاب وأن تتحمل تلك الدول المسئولية عن أعمالها التى تعد جرائم إرهابية، وفقاً للقانون الدولى العام.