ليس المقصود بهذا المقال المقارنة بين الطبقات الاجتماعية أو تعظيم فئة أو تحقير فئة أخرى على طريقة السادة والعبيد فى التاريخ القديم.. بقدر ما هو رصد لحالة موجودة فى مجتمعنا الآن.. يمكن وصفها بحالة «أخلاق العبيد».
أخلاق العبيد تعتمد على الغموض وعدم الوضوح فى المواقف من خلال الصمت وإظهار النسيان والاستكانة أمام المواقف والأحداث والأشخاص تجنباً للصدام المباشر، دون أن يكون هناك أى مانع للتمهيد لأطراف أخرى من خلال الطرق الملتوية والأبواب الخلفية للمواجهة والصدام بالوكالة عنهم.. لتحقيق أهدافهم بعيداً عن تصديرهم للمشهد.
يتمادى أصحاب أخلاق العبيد فى مراوغاتهم بالتركيز القوى على القيم والمبادئ المثالية بشكل مبالغ فيه.. كنوع من التمسك بإظهار ما ليس لهم من رجولة وشجاعة وإقدام وجرأة وإرادة واستقلال فى التعبير الواضح الحقيقى عن مواقفهم، هم دائماً ما يرددون عكس ما يعتقدون سواء لإرضاء المسئول الذى يتبعونه إدارياً أو فنياً أو سياسياً، أو لتحقيق مصالح شخصية مباشرة سواء مادية أو معنوية، فضلاً عن قابليتهم لقبول الإهانة وربما التحقير أمام الغير لتحقيق المزيد من المكاسب.
تجدهم يروجون للكذب والشائعات باختلاق معلومات ليس لها أساس من الصحة، ثم يتعاملون معها باعتبارها حقيقة لا ريب فيها، وهو ما يجعلهم لا يتراجعون عن الذم والقذف والسب فى أى شخص أو إنجاز إذا تطلب الأمر ذلك.
هذه الفئة من أصحاب أخلاق العبيد أصبح لهم وجود فى العديد من الأماكن والمراكز السياسية والثقافية والاجتماعية.. خاصة بعد حالة التجريف الذى حدث خلال السنوات الماضية، هذا التجريف الذى تحول لإرث غير محتمل، بعد أن «تضخم» أصحاب أخلاق العبيد بشكل يفوق قدراتهم وإمكاناتهم.. وتراجعت الكفاءات والخبرات الحقيقية.
يظهر أصحاب أخلاق العبيد فى الحياة السياسية وفى الوسائل الإعلامية وفى الأعمال الثقافية وفى الأنشطة الاجتماعية.. وربما الرياضية أيضاً، ويصل بهم الغرور بالشكل الذى يصدقون فيه أنفسهم رغم كونهم ظواهر قابلة للانقراض والتحلل.. فى ظل وجود متابعة وتقييم ورقابة لأعمالهم ومواقفهم غير المنضبطة.
يتجمع أصحاب أخلاق العبيد فى شكل (شلل) ومجموعات.. تساعد بعضها بأساليبها غير الشرعية، ولا يمنع هذا التحالف أن ينقلب إلى عداء سافر.. يتم فيه الاتفاق على القضاء على طرف.. كان فى وقت ما من أهم شركائهم، ولكن متطلبات المرحلة أو تغيير منظومة مصالحهم الشخصية.. كثيراً ما يكون لها شروط متغيرة، والبقاء دائماً لتحقيق المصالح والمكاسب مهما تكلف الأمر.
نقطة ومن أول السطر..
أخلاق العبيد.. أصبحت من السمات الرئيسية لبعض السياسيين والمثقفين والإعلاميين هذه الأيام، غير أن الأيام دائماً ما تأتى بما لا تشتهيه تلك الفئة من المتضخمين نفسياً وفكرياً وإعلامياً. وإن غداً لناظره قريب المنال.