• لا تتوقف أمريكا عن إعطاء الدروس للعالم بينما هى تسقط فى أضعف الاختبارات، قبل أيام وجهت سفارتهم فى القاهرة تحذيرات لرعاياها من التوجه إلى «سيتى ستار وكايروفستيفال» خشية حدوث أعمال إرهاب، وفى اليوم ذاته تتعرض محطة مترو أنفاق فى جزيرة مانهاتن بولاية نيويورك لعملية إرهابية لولا ستر الله لشاهدنا أمواجاً من دماء الأبرياء. فالولايات المتحدة بأجهزة استخباراتها الأقوى ومؤسساتها الأمنية العريقة التى تسمع دبة النملة فى كل مكان بالعالم تحذر الشعوب من الإرهاب فى بلادهم وتعجز عن تحذير مواطنيها من خطر إرهابى انتحارى بحزام ناسف نجح فى اختراق كل العقبات، ولم يفشل إلا بسبب عناية إلهية أنقذت الشعب الأمريكى من أهوال كانت قاب قوسين أو أدنى من التحقق.
• المفارقات الأمريكية تتجاوز الأمور الأمنية والإرهابية إلى السياسية والدولية، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة السيدة «نيكى هيلى» قالت فى تصريحات صحفية نقلتها صحيفة «ذا هيل» وأعادت بوابة «اليوم السابع» نشرها الاثنين الماضى تعليقاً على قرار الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل «لا نحتاج أن تخبرنا بلدان أخرى ما هو الصواب والخطأ»، والسفيرة على حق، فأعمال السيادة تمنح لكل دولة الحق فى التصرف وفقاً لما تراه والحق فى أن ترفض تحفظات واعتراضات وحتى نصائح الآخرين، وهو الحق الذى يمنعها أصلاً من التدخل فى شئون الغير وإبداء النصح أو انتقاد الآخرين والضغط عليهم بمزاعم الصواب والخطأ.
• والسياسة الأمريكية تدار بمفهوم اللص الظريف، وعلى غرار فيلم «سيدة القصر» حين ضبط الفنان عمر الشريف مدير أعماله استيفان روستى -رحمهما الله- يسرقه، هبّ الأخير منتفضاً ومؤكداً «أنا مش باسرقك أنا كنت باوفَّر لك قرشين ينفعوك لو خسرت فلوسك»، وبنفس المنطق تحاول أمريكا إقناع العرب بقرار القدس، فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية السيدة «هيذر نويرت» قالت الثلاثاء الماضى إن «الرئيس (ترامب) ينظر إلى هذا (القرار) على أنه طريقة جديدة محتملة لجر إسرائيل وفلسطين إلى طاولة المفاوضات»، وهو نفس جوهر السياسة الأمريكية الثابتة بالامتناع عن الضغط على إسرائيل حتى تشارك مقابل الضغط على الفلسطينيين حتى يقبلوا بالمشاركة.
• ومفارقات الإعلام الغربى لا تقل فجاجة ولا طرافة عن السياسة الأمريكية، ومع الاعتذار للصديق ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات وجهوده لتصويب رسائل الإعلام الغربى وإنهاء «سياسة الشمال» التى يتبعونها فى تغطية أحداث مصر، فإن الصحف ووسائل الإعلام الغربية تمارس الخداع والكذب الأشر بوعى ودأب، وعلى مدار أكثر من عام لم تخبرنا وسيلة إعلام واحدة ماذا يحدث فى الحرب المزعومة ضد داعش فى العراق، وأين هؤلاء المقاتلون الأشاوس الذين أقضّوا مضاجع البشر وأثاروا الفزع والهلع فى النفوس؟ وأين قتلاهم؟ وأين الجثث؟ بل أين أسراهم؟ وهل هم قتلوا أم فروا إلى خارج البلاد؟ وكيف فروا؟ ومن أين؟ وإلى أين؟ كل ما فعله الإعلام الغربى أنه نقل لنا النهايات حسب ما تم إملاؤه عليه من الجهات المعنية. بينما يتنطع أحدهم متسائلاً «هل تمكن الجيش المصرى فعلاً من قتل الإرهابيين فى سيناء أم أن هناك أبرياء مدنيين قضوا؟ وما الذى يؤكد لنا صحة هذه الإعلانات المتكررة؟».. والحقيقة أنا كمان أسأله وزملاءه: وما الذى يضمن لنا صدقيتكم ونزاهتكم وأخلاقياتكم؟
هذا عالم يفعل فيه الأقوى ما يريد متى يشاء.