من وجهة نظرى، فإن قرار محافظ القاهرة، تغيير اسم شارع «سليم الأول» مهم للغاية، لا أبالغ إذا قلت إنه لا يقل أهمية عن عملية قواتنا المسلحة الباسلة (سيناء ٢٠١٨)، التى تهدف منها إلى التصدى لعملاء تركيا وأذنابها فى مصر.
أتمنى أن يكون القرار بداية لإطلاق حملة للمواجهة الفكرية مع مجمل الأفكار الخرافية، سواء تلك التى تحلم بمعنى خيالى هو الخلافة، أو تلك التى ترى أن الأتراك ورثوا الخلافة الإسلامية، وأن التركى (أردوغان) ليس سوى نسخة عصرية وامتداد لأسلافه من العثمانيين، بداية فإن الخلافة ليست محل إجماع، وليس صحيحاً أنها من ثوابت الدين الإسلامى، وقد قال بهذا على عبدالرازق فى كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، لكن من الواضح أننا نخشى المواجهة، وإلا لكان هذا الكتاب وغيره موجودين فى طبعات شعبية متاحة لكل من يريد أن يعرف ويقرأ ويفهم، ولا يتلقى الحقائق كمسلمات ممنوع النظر إليها أو مراجعتها، إلى جانب هذا الكتاب هناك عشرات الكتب والمراجع التى تحكى عن التاريخ الحقيقى لمن حملوا لقب خلفاء فى التاريخ الإسلامى، وكيف كان مليئاً بالقتل والجرائم والفضائح الأخلاقية فى هذا الاتجاه أو ذاك! وباستثناء الخلفاء الأربعة الراشدين، رضى الله عنهم، فإن للتاريخ أن يحكى الكثير عمن حملوا لقب خلفاء.
أما أهمية القرار بتغيير اسم شارع سليم الأول، فهى أنه يكرس المواجهة بين أحفاد سليم الأول وأحفاد طومان باى.. سليم الأول الغازى الذى يلتحف بالخلافة، ولم يعدم عملاء ومروجين له فى الداخل، وطومان باى رمز المقاومة.. الذى رفض أن يساوم. كان شركسياً، لكنه مصرى النشأة والهوى.. رفض أن يحكم مصر تابعاً للسلطان العثمانى، وأصر على أنه ند له، قاتل بشجاعة، وقتل رسل سليم الأول، وقاتل فى معركة الريدانية، كما لم يقاتل أحد، واخترق صفوف الجيش التركى حتى قُتل بيديه الصدر الأعظم سنان باشا، معتقداً أنه سليم الأول، وعندما انكسر جيشه لم يستسلم، وعاد ليقاتل فى بولاق، وقاد حرب عصابات قاسية، ولولا استخدام العثمانيين للبنادق لما هزموه، سلمه أحد الخونة بعد هروبه، وحظى باحترام قاتله وتقديره، حتى قالت بعض المراجع، إن سليم الأول حمل جثمانه على كتفيه، وإنه حظى بجنازة لم يكن ليحظى بها لو مات وهو منتصر.. كان سبب هزيمته أن أعداءه تسلحوا بالعلم الحديث، وكان لديهم مدافع أحدث، بينما اكتفى هو بالشجاعة وأخلاق الفرسان، وهو درس يجب أن يتعلمه أحفاد طومان باى، لأن هذا هو الطريق الوحيد للانتصار.