جوهرة.. "ساسبينس هز يا وز"
المكان: "فيسبوك"
الزمان: غير محدد بدقة
الواقعة: وصلة رقص بـ "ذمة وضمير" على مهرجان "لأ" من راقصة غير معروفة سرقت الأنظار وجحظت لها العيون.
فجأة وبدون مقدمات انتفضت الساحة ولم يعد هناك حديثاً إلا عن الراقصة صاحبة المقاطع المتناثرة على "فيسبوك"، الكل يبحث عنها ويحاول جمع المعلومات أو حتى معرفة اسمها بعدما اكتسح مقطع رقصتها على مهرجان "لأ" السوشيال ميديا بأكملها، والحقيقة أنها أبلت فيه بلاءً حسناً دفع الجميع للتوقف عندها والإصرار على معرفة "مين دى"!
"جوهرة" أو "أيكاترينا" الروسية التى هزت عرش الرقص الشرقى أصبحت نجمة مجتمع فى دقائق معدودة وهو الأمر الذى لم تتوقعه هى نفسها، خاصة إذا علمنا بتواجدها فى مصر ومزاولتها المهنة منذ فترة ولم يشعر بها أحد غير مرتادى القاعة التى تقدم فيها وصلاتها، والمجد للـ "سوشيال ميديا"، إلا أنها وبعد احتشاد الجماهير الغفيرة لمتابعتها واللهاث وراءها يصبح الجميع على صدمة حادة بالقبض على "جوهرة" بتهمة التحريض على الفجور.. وتبحث عن تفاصيل هذه التهمة تحديداً التى تطور بها الأمر لصدور قرار بترحيلها خارج البلاد بل ومنعها من دخولها مرة أخرى، تجدها ارتداء بدلة رقص غير مطابقة للمواصفات، ليبدأ الزحف الجماهيرى خلف المواصفات الرسمية للبدلة الـ "لولبية" فيكتشف جمهورها أن تهمة "جوهرته" هى الـ "لا شورت"!
ولمزيد من التشويق والإثارة أو الـ "ساسبينس" بدأت عدد من البرامج بفرد مساحات من وقتها لمناقشة ظاهرة الـ "لا شورت" وشرح مواصفات بدلة الرقص المطابقة للشروط والمواصفات، وإلقاء الضوء على الغضب الجماهيرى الغفير من مفاجأة التطور السريع للموقف وإصدار قرار بترحيل "جوهرته" خارج البلاد ومنعها من دخولها، وهو القرار الذى لم يفهمه الجمهور أو يستوعبه كعقاب على ارتداء بدلة رقص غير مطابقة للمواصفات أن يكون ترحيلاً مباشرة ومنع من دخول البلاد مرة أخرى دون تنبيه أو غرامة أو حتى توقيف عن مزاولة المهنة، ليخرج علينا تعديلاً لحيثيات القرار بأنها لا تمتلك تصريحاً قانونياً بالعمل فى البلاد مما يستوجب طردها، وهو الأمر الذى ثبت عدم صحته فيما بعد بتقديم "جوهرة" أوراقاً تتضمن تصاريح العمل المطلوبة لتواجدها بشكل رسمى وقانونى منذ فترة سابقة مما أصاب بالدهشة ليثير حيرة وتساؤلات المتابعين والمهتمين بالقضية..
هل جوهرة مذنبة؟
هل تسرع القانون فى أخذ مجراه؟
أم أن لـ "كيد العوالم" يد فى ذلك؟!
فقد خرج البعض وأكد أن هناك حرب شرسة من الراقصات الأجنبيات الموجودات على الساحة للتخلص من "جوهرة" الروسية بعدما لمع نجمها بشكل مبالغ فيه، واختصوا بالاسم "صافيناز" الروسية و"آلا كوشنير" الأوكرانية ــ فى غياب تام للمنتج المصرى ــ فنفت الثانية صلتها بالأمر جملة وتفصيلاً بينما التزمت الأولى الصمت التام الذى أثار الشك والريبة استناداً إلى نجوميتها الطاغية وعلاقاتها المتشعبة، ليظل الهجوم والضغط متواصلاً وهتف الجمهور ضد القرار "لأ – لأ .. لأ لأ لأ" حتى زُفت البشرى بإلغاء قرار ترحيل "جوهرة" وعمت الفرحة جميع أنحاء المحروسة، فهذا الجمهور مرهف الحس يؤمن بأن "قطع العيش حرام" ومن هذا المنطلق كان الدفاع عن قضيته حتى نال ما يريد وانتصر الحق وعادت "جوهرة" سالمة غانمة إلى أرض الـ "بيست" فى استقبال حاشد من جمهورها، وفى أول ظهور لها تشير للـ "شورت" الذى ترتديه تحت بدلة الرقص فى إشارة لتسوية موقفها وأن "كله تمام" و"هز يا وز".
والآن ينتظر جمهورها بشغف الخبر المتوقع بتوقيعها عقود "السبكى" ليلتقطها ويجنى من وراء جماهيريتها فى أفلامه القادمة فيشاهدون إبداعاتها لوقت أطول. كانت هذه صفحة من العالم الموازى لعالمنا الذى نعيش فيه.. بقضاياه وناسه وإعلامه و"سلطاته وبابا غنوجه".. عالمنا نحن الذى نخوض فيه حرباً شرسة على الإرهاب.. حرباً حقيقة بعملية شاملة هزت قلوب داعميه وأرجفتها ولكننا هنا فى العالم الموازى أمام "هز" من نوع آخر ربما يطرى الأجواء ويجعلها ألطف، فلا تندهش عندما تشاهد "جوهرة" بكامل أناقتها فى مؤتمر صحفى تشرح فيه تفاصيل أزمتها وخروجها منها وكيف عاشت المحنة وطلبت الشيكولاتة وأتتها، وتبث مشاعرها لجمهورها الغفير الذى ساندها وتعده بالمزيد من الرقصات والإبداعات الـ "لولبية"، مع تهافت إعلامى لتغطية هذا المؤتمر الصحفى التاريخى للراقصة العائدة من على أعتاب الترحيل "آه والله مؤتمر صحفى رسمى فهمى نظمى"!
قد لا تهاجم الرقص فى حد ذاته فهو أمر واقع ولا نستطيع أن ندفن رؤوسنا منه فى الرمال، بعيداً عن جدلية جماهيريته وتحريمه، ولكن المؤسف فى هذه الواقعة المسلية توقيتها والضجة المبالغ فيها المصاحبة لها والمختتمة بذلك المؤتمر الصحفى المضحك هزلياً، فى وقت تتصدر فيه قائمة الاهتمامات عملية حربية حقيقية هى الأولى من نوعها منذ حرب أكتوبر تخوضها القوات المسلحة لتنظيف أرض سيناء من "بُقع" إرهابية إذا تمددت لن تستطيع حتى أن "تهز" رأسك!
نحن أفضل من يتم استدراجه لمعارك جانبية ولا ينتبه لمعركته الرئيسية فى حقيقة لا يمكن إنكارها.. فقط أن تحتوى هذه المعارك على الـ "ساسبينس" المناسب لتنجذب إليها فتجد نفسك مسحوباً دون أن تشعر وربما بلا وعى، فالجمهور بطبعه يميل للـ "ساسبينس" إلا أنه وفى هذه اللحظات الفارقة اكتشف أنها هربت منه هذه المرة بشكل مخجل فى..... "ساسبينس هز يا وز"!