فى صيف 2005 عندما قرر المنتج "نصر محروس" طرح نسخة جديدة من ألبوم شركته المميز "فرى ميكس" الجزء الرابع، والذى كان يضم مجموعة من نجوم الشركة على رأسهم "تامر وشيرين وبهاء سلطان" ومعهم أصوات جديدة تقدمهم الشركة مع نجومها كعادتها فى كل جزء، راهن وقتها "نصر" على صوت شاب جديد مصبوغاً بصبغة شعبية ستحدث انقلاباً فى سوق الغناء كما وصفه، فبذكائه المعتاد أتى به وأعده إعداداً جيداً لهذه المهمة، فيصدر الألبوم وتنطلق منه أغنية "غمازات" مسببة زلزالاً شعبياً جعل الجمهور يبحث عن صاحب هذا الصوت وهذا الأداء الذى حقق انتشاراً غير طبيعى ونجاحاً ساحقاً كسر به الركود فى ذلك التوقيت فعرفه الجمهور بالاسم .... "دياب".
حنجرة "دياب" التى تحمل البهجة ببصمته الشخصية كانت جواز مروره واحتفاء الجمهور به مع خفة ظله التلقائية والكاريزما التى يتمتع بها وهى العوامل التى كونت منه حالة خاصة فى الغناء الشعبى .. حالة يعشقها الجمهور بطبيعته ولا يستطيع مقاومتها وهو ما أكد صحة رهان "نصر محروس" الذى اكتفى به بعد ذلك كنجم للشركة بعد مغادرة "تامر حسنى" لشركة أخرى ليمارس "نصر" عنده المعتاد فى الإصرار على صناعة نجم والمنافسة به.
"دياب" الذى اشتهر بـ "العو" وأصبح لقبه نسبة إلى الأغنية الثانية التى قدمها وحققت نجاحاً أكبر وصنعت نجوميته رسمياً وثبتت أقدامه بقوة هو أيضاً يتمتع بالعند والإصرار والصبر بجانب إيمانه بموهبته وقدراته ففى الوقت الذى حقق فيه انتشاراً واسعاً وزاد عليه الطلب جماهيرياً تأخرت خطواته الإنتاجية داخل الشركة وكانت لـ "نصر" رؤيته الخاصة فى الوقت الذى رفض فيه "العو" إثارة المشاكل أو البحث عن فرصة أخرى وقرر الصبر والثقة فى منتجه صانع نجوميته ربما وفاءاً منه أو تخوفه من مصير مجهول فى محاولة فك الارتباط أو كلاهما إلا أنه راهن هو الآخر على ثقته فى "نصر" الذى راهن عليه مجدداً ودفع به دفعة قوية جعلت "دياب" يقفز للقمة ويتصدر المشهد تماماً وكالعادة ... كسب "نصر محروس" رهانه على مطربه الذى أصبح "العو" فى الأغنية والفتى المدلل لمنتجه.
يبدو أن "دياب" تحول إلى "رهان كسبان" فكل من يفكر فى الرهان عليه يكافئه هو بالمكسب وهو ما حدث مع المخرج "أكرم فريد" عندما راهن عليه ولكن هذه المرة كممثل فأصر على خوضه للتجربة رغم تخوف "دياب" منها واعتبارها مغامرة قد تؤثر على نجوميته الغنائية حال عدم نجاحه إلا أن "أكرم" رأى فيه حالة تمثيلية جذابة فأقنعه ودربه ودفع به فى مسلسل "ساحرة الجنوب" مع "حورية فرغلى و ياسر جلال" ليفاجأ الجميع به يصول ويجول فى مواجهته الأولى للكاميرا وكأنه يمارس التمثيل منذ عشرات السنين ليحصل على الـ "سوكسيه" بامتياز ويقف فى صف واحد مع أبطال المسلسل فى شهادة ميلاد جديدة موقعة بقوة أداء الراحل "محمود المليجى" الذى شبهه كثير من الجمهور به.
مفاجأة "دياب" كانت له هو شخصياً فاكتشف فى نفسه موهبة جديدة لم يلتفت لها ولم يصدق من نبهه إليها ونجاحاً كبيراً فى "أول طلعة" لم يداعب حتى خياله فى الوقت الذى كان مستعداً فى أول يوم تصوير أن يغادر العمل فوراً إن لم يلق استحساناً فى أول مشهد الذى صدمهم فيه بأداء ممثل يملك خبرات تمثيلية فتنتصر رؤية "أكرم فريد" على قلق وخوف "دياب" وتدفع به فى طريق جديد تماماً ينطلق منه إلى "الأب الروحى" ثم "كلبش" الذى حقق بهما ما يفوق كل التوقعات ويثبت بهما أنك أمام ممثل "عتويل" يمتلك القوة والأدوات مع الحضور الطاغى الذى جعل الجماهير تتقبل منه أدوار الشر وتحبه وهى المعادلة الصعبة التى تعتبر هماً ثقيلاً على قلب الممثل وهو يؤدى هذه النوعية من الأدوار إلا أن "دياب" خطف هذه المنطقة رسمياً بما قدمه فى مسلسل "أيوب" أحد أهم الأعمال الجماهيرية فى رمضان 2018 بشخصية "منصور المحامى" والذى تطور إلى "منصور الحرامى" بجانب شخصية "حمدى" فى مسلسل "ضد مجهول" فهو الشرير المحير الذى تحبه وتلعنه فى وقت واحد.
"فتى الشاشة الأول" هو حلم أى فنان بتصدر العمل والأفيش خاصة فى حال تمتعه بالكاريزما وخفة الظل والشقاوة وهو ما يشغل بال الكثيرين ويحقق السعادة لهم إلا أن "دياب" استطاع دون قصد أن يصنع منطقة جديدة مكتوبة باسمه وهى "فتى الشاشة التانى" بطل ثان بنفس المواصفات بجانب البطل الرئيسى وهو ما نجح فيه "دياب" عن جدارة وتفوق فيه على نفسه بعد أن تحداها لينطلق غير مشغول بالبطولة المطلقة التى يعتبرها رزق ستأتى فى وقته المحدد فقرر الاستمتاع بالتمثيل بحرية بعيداً عن الحسابات المعقدة والمشتتة وذلك بجانب الغناء الذى يعتبره متنفسه الأول ... والحقيقة يحسب له حسن الاختيار.
تحدٍ جديد وصعب يواجهه الآن "دياب" أو"ديبو" كما ينادونه المحيطون به وهو حصار أدوار الشر له فجرت العادة الفنية أن من ينجح فى أداء دور فى عمل ما تتهافت عليه كل الأعمال التالية لتجسيد نفس الدور أو نوعيته فبالرغم من النجاح الكبير الذى أظهر قدرات "دياب" على تجسيد أدوار الشر بلون ومذاق مختلف إلا أنك تجد هناك رأيان أحدهما يرى أن التنوع سيجعل منه ورقة مهمة فى اللعبة التمثيلية وربما يصبح "جوكر" وذلك لما يُصَدره من شعور لدى المتابع أنه يمتلك الكثير من الإمكانيات تبحث عن توظيفها بينما هناك رأى آخر يطالب باستمراره فى تجسيد أدوار الشر بألوان مختلفة حتى يثرى هذه المنطقة التى تعانى فقراً شديداً فى أبطالها ويمكنه الاستمرار وتحقيق نجومية خاصة فيها وامتلاكها وأكبر مثال يقدمه هذا الرأى هو العملاق الراحل "محمود المليجى" مع اتفاق جميع الأطراف على عدم تركه الغناء أو إهماله له.
النجاح الذى وصل إليه "دياب" لم يكن صدفة أو"فهلوة" أو فى طريق ممهد ومزين ولكن الحقيقة أن ما يحصده ابن إمبابة البسيط الآن نتيجة تعب سنوات طويلة ومحاولات وإحباطات وكسرات وليال طويلة من الكفاح و"الشقا والمرمطة" كان همه الأول فيها تحقيق ذاته والمواجهة من أجل ذلك وداعمه الأول إيمانه بما يملكه من موهبة مؤهلة لتحقيق ما يريد فكانت المكافأة أنه حصل على أكثر مما أراد متمسكاً فى نفس الوقت بالقناعة والتأنى مع الطموح والتعب على تحقيقه مؤمناً بأن للقمة خطوات وهو الدرس الذى يجب أن يتعلم منه من هم فى بدايات طريقهم ويذاكرونه جيداً ويجعلون منه دليلاً لعلهم يستفيدون.
الشرير الجديد أحدث أفراد و"عو" العائلة الدرامية .. "فتى الشاشة التانى" .. توسع الرهان عليه الآن من منتج أو مخرج إلى رهان جمهور بأكمله يراه "رهان كسبان" بالحساب ... والكرة الآن فى ملعب "دياب".