أعظم وأقوى تأثير فى النفس دائماً وأبداً هى الكلمة.. فالكلمة هى الجسر الذى تعبر عليه المشاعر والأحاسيس والمعانى والمقاصد لتصل إلى القلب والعقل وهو ما جعل من الكلمة سلاحاً من يملكه صحيحاً يملك قوة رئيسية مؤثرة تستطيع حسم أصعب المعارك.
سلاح الكلمة هبة من الله سبحانه وتعالى يمنحها ويختص بها بعض البشر بدرجات فليس كل من يملك كلمة مؤثراً فالتفاوت يجعل التأثير متفاوتاً أيضاً ليبقى أصحاب التأثير النافذ قلة يتربعون على القمة.
من بين هؤلاء ممن يتربعون على القمة الشعراء فالشعر يملك عذوبة الكلمة التى تنفذ للقلب مباشرة ومع تعاقب الأزمنة تطور الشعر بشكله ومحتواه حتى وصل فى العصر الحديث للشعر الغنائى فبكلمات الشاعر الغنائى صنع كثير من النجوم مجدهم مثل "أم كلثوم-عبد الحليم-فريد الأطرش-أسمهان- نجاة" ومن الجيل الجديد "عمرو دياب-محمد فؤاد-إيهاب توفيق-أصالة" وغيرهم ممن اعتمدوا فى بدايات بناء نجاحاتهم على كلمات مميزة غلفوها بألحان وموسيقى تكمل تزيين الهدية الغنائية من المطرب لجمهوره فكان للشعراء الغنائيين شراكة رئيسية وأصيلة فى وضع أساسات كيانات النجاح التى استمرت وتطورت ونافست على القمة.
من بين هؤلاء الشعراء والذى كان له تأثيراً كبيراً فى مسارات كبار النجوم ومازال مستمراً فى دعم مشاريع النجوم الجدد هو صاحب الكلمة التى تتذوقها قبل أن تسمعها "بهاء الدين محمد" وهو يعتبر كبير شعراء هذا الجيل سناً وأقدمية فهذا الرجل استطاع صناعة روائع غنائية بأسلوبه البسيط وإحساسه العالى وذوقه الرفيع فى اختيار الكلمات المؤثرة والتى تتميز أغنياته منذ البدايات بشكل الحدوتة الصغيرة وهى التطور الطبيعى لأغنيات طرب الزمن الجميل فتمر عشرات السنين وتجد نفسك مازلت تدندن مثلاً "تترجى فيا – حبيبى وإنت بعيد – أصعب حب – فيه ناس – بتبعدينى – لما النسيم – حبيبى على نياته – عمال يحكيلى عنها".
أما عن تاريخ الإبداع الفنى مع "عمرو دياب" فهو نجاح خاص جداً بحجم قمتين كل فى تخصصه فكانت وما زالت وستظل كلمات "بهاء الدين محمد" علامات فارقة فى تاريخ أغنيات "عمرو" والتى صنعت له حالة مختلفة تغرد منفردة فى سماء بعيدة "أدينى رجعتلك – يا حبيبى لا – قاللى الوداع – لو عشقانى – حبيبى يا عمرى – إنت ماقولتش – تنسى واحدة – يدق الباب – عينى وأنا شايفه – أغيب أغيب – وهى عاملة إيه – أيوة أنا عارف – ضحكت – قالتلى قول – أنا دلوقتى – سلملتك – ياريت سنك".
كل هذه النجاحات توقفت عند أغنية "قال فاكرينك" منذ سنوات وهى الأغنية الأزمة التى صنعت احتقاناً كبيراً بين "بهاء" و"عمرو" بعدما حقق بها الأخير نجاحات غير مسبوقة فى الحفلات الـ "لايف" من أول مقطع قدمه جعلها الأغنية الأولى طلباً فى كل الحفلات وبالطبع انتظر صاحب الكلمات أن يراها كاملة فى ألبوم من ألبومات الـ "هضبة" إلا أن الوعود دائماً ما تطير فى الهواء ويفاجأ "بهاء" فى كل مرة باستبعادها من اختيارات الألبوم الجديد ثم استبعاد أغنياته نفسها من كل ألبوم بعد تحضير وإعلان رسمى عن وجوده وهو ما أثار حفيظة الشاعر الكبير الذى يتميز بدماثة خلق عالية يشتهر بها وتسبق اسمه فيحزن فى صمت ويتألم بداخله من عدم التقدير المتواصل لاسمه وتاريخه ويتمنى له التوفيق فى كل ألبوم ليعود فى الألبوم التالى ويعيش نفس السيناريو بمشاهده لينتهى نفس النهاية وهو فى حالة ذهول ودهشة من تصرفات النجم الكبير!
يملك "بهاء الدين محمد" سلاحه من الكلمة بقوة واقتدار ولكنه يملك الأقوى من ذلك وهو حب الجمهور الغفير وتعلقه به والتفافه حوله فى ظاهرة نادرة الحدوث فالطبيعى هو التعلق بالمطرب أما فى هذه الحالة فقط أعطى الخالق لـ "بهاء" هدية أخرى بجانب الموهبة وهى الحب الغفير ليبقى "بهاء الدين محمد" نجماً من نوع خاص ورمزاً للكلمة أمام جيل كامل تعيش لأجيال متعاقبة.
الحقيقة أن "عمرو" ورغم نجوميته التى لا يشق لها غبار ورغم نجاحاته المتعددة إلا أن الجمهور دائماً يفتش عن "بهاء الدين محمد" بين أغنيات كل ألبوم وينتظره ويشعر بغياب قيمة مهمة وعنصر مؤثر فى كل مرة لا يجد اسمه بين قائمة الأغانى فطعم أغنياته مختلف وخارج المنافسة ولا يعرف أحد على وجه التحديد سبب عناد "عمرو" مع كبير شعراء الجيل والذى تقاسم معه علامات من نجاحاته حتى بدأ الجميع يشعر أن هناك شئ ما خلف الكواليس فى نفسية "عمرو" نفسه فمن غير المنطقى أن يرى جمهور المطرب الكبير منه عدم تقدير لقيمة وحجم شاعر كبير بوزن "بهاء الدين محمد" وإصراره على عدم تواجده والمؤكد أنه إضافة مهما كان مستوى أغنيات الألبوم فـ "بهاء" دائماً فى "حتة لوحده".
"ما زاد الطين بلة" هو ما فعله "عمرو" فى حفل جامعة مصر كأول حفل بعد إطلاق ألبومه "كل حياتى" عندما طلب منه أحد الحضور غناء "قال فاكرينك" فرد عليه "مش هغنيها .. ما أنا لو عايز كنت نزلتها .. مزاجى .. مش هتمشينى على مزاجك" وعندما أصر الشاب على الأغنية كان الرد "مش عاجبك ماتسمعش"!
خرج البعض يؤكد أنه "هزار" ومعروف عن "عمرو" أن "هزاره بعافية حبتين" والأكثرية يهاجمونه لقيمة وقامة صاحب الكلمات "بهاء الدين محمد" الذى انفعل بدوره على هذا الأسلوب ووصفه بمن يحارب نجاحه مؤكداً أن الأغنية أصبحت ملك الجمهور وليست ملكه والجميع لا يعلم بمن فيهم "بهاء" سر عناد "عمرو" فى هذه الأغنية تحديداً والتى صنعت أزمة غير مبررة منذ سنوات وصلت لإعلان "بهاء الدين محمد" أخيراً القطيعة نهائياً مع "عمرو دياب" بعد هذا الموقف فى جملة نارية "مش محتاجين بعض نهائى" باعتبار أن لكل منهم نجاحه الخاص وبرر انفعاله وحزنه بعدما لمس هجوم من الجمهور الديابى بشكل غير لائق قال عنه "شتائم وقلة أدب" واعتبره مدفوعاً ليرد بكل قسوة غير معهودة عن صاحب الكلمات الرقيقة "لو هم دول جماهيره يبقى أنا لغيت من تاريخى أى أغنية كتبتها له ولن تجدوا بوست فى يوم من الأيام مضمونه ولو سطر من أعمالى معاه"!
نهاية حزينة لم يتخيلها أسوأ المتشائمين تعمدها "عمرو" بوضوح ودفع إليها "بهاء" بقوة وأصبحا يسددا ركلات لكرة مشتعلة فيتلقفها الجمهور الديابى ويعلن الحرب انتقاماً من الرجل الخلوق بكل شراسة صانعاً منها "هرمجدون" التى وضعت عنواناً لحرب نهاية العالم!
هذا المشهد دفع البعض ليصرح بأن رد فعل "عمرو" على المسرح لوجود صديقته "دينا الشربينى" فلن يليق غنائها وذهب البعض أن العداء الذى ناصبه "عمرو دياب" لـ "بهاء الدين محمد" سببه الرئيسى تعبير الأخير علانية عن رأيه فى علاقة "عمرو" بـ "دينا" ورفضه لها بل ومهاجمته فكلها تكهنات ولن تجد مبرراً عقلانياً لهذا العداء فـ "عمرو" يعمل مع الملحن "عمرو مصطفى" رغم التراشقات الكبيرة التى حدثت فى السنوات الماضية والكفيلة بتدمير علاقات وليس قطعها فقط!
غفل "عمرو دياب" رغم سطوة نجوميته أنه خرج بعلاقته الشخصية بصديقته للجمهور وبدوره هناك من يقبل وهناك من يرفض ويعترض لأسباب مختلفة وهم أكثرية خاصة من زاوية أن نجماً كبيراً لا يليق أن يخرج على جمهوره بعلاقة غير محددة المعنى فمصطلح "صديقته" صعب تقبله فى مجتمع شرقى مفترض أن نجمه فيه قدوة فرجل الشارع البسيط لا يفهم صديقة أو إخفاء زواج ولكنه يرى ببساطته العلاقة نوعان إما متزوج أو "ماشى معاها" وهو ما لم يدركه "عمرو" فى تقديم علاقته بـ "دينا" وأضرها أيضاً.
من المحزن أن نرى هذا المشهد بين قمة الغناء وقمة الكلمات فلابد من تدخل العقلاء والحكماء لإصلاح الوضع الذى تشوه كثيراً فمعاملات الكبار يجب أن تكون على نفس المستوى فالكبير دائماً عليه تقدير الكبار المحيطين به وشركائه فيما وصل إليه أما الجمهور الذى عشق علامتان لصناعة الأغنية لا ولن يرضيه أن يشاهدهما فى هذه النهاية المشوهة.
الكلمات رسائل .... ومن كلمات "بهاء الدين محمد" بصوت "جنات" .....
( فيه خيط ضعيف رابط مابينا وده النصيب .. هتخاف عليه هأخاف عليه هتسيب هأسيب .. لحد إمتى هأخاف لوحدى يا حبيبى .. الخيط خلاص مابقاش متحمل .. رعشة إيدى).
ومن كلماته بصوت "عمرو" نفسه ....
(معقول هأقولك روح .. من غير ما أكون مجروح ولا باقى على حاجة .. لأ ده إنت مش عارف).
والنهاية مفتوحة!