كنا ساكنين في حوش( فيلا صغيرة) في الرويسات قريب من الطريق الدائري في مصراته، اتولدنا كلنا في البيت ده، بس وانا عندي أربع سنين نقلنا لوسط البلد فى السوق بالظبط، السوق كان اسمه سوق النملة.
سكنا عمارة من دورين، الدور الأولاني فيه عمو رؤوف صاحب بابا ومراته اللي عمري ما عرفت اسمها الحقيقي إيه، لأن ماما كانت مسمياها قوقة، واحنا فوق في الدور التاني، هما ليهم منور واسع جدا يتصرفوا فيه واحنا لينا السطح بحالة، كنا نطلع نقعد فوق، وماما مربيه كل أنواع الحيوانات والطيور ، افتكر مرة كانت مربية وزة بيضا عملاقة، حجمها كان أكبر مني، بابا نسي يقصقص ريشها فطارت، فضلت ماما واقفة من قبل المغرب لحد ما الشمس راحت تراقبها بحسرة بتطير وتنط من سطح لسطح لحد ما اختفت.
أخويا محمد الكبير اللي بيني وبينه سنة وثلاث شهور (برج الحوت) كان بيحب يجري ورا الكتاكيت يفعصها برجله، أو يركب الخروف طول النهار ولا فارس مغوار، وأنا كنت بلف وراه في كل حتة نفسي العب معاه أو اتعلم منه، مبهورة، إزاي بيعمل الحاجات دي كلها، إزاي بيركب الخروف، إزاي بيسوق العجلة، وجايب الطاقة دي منين.
سافر عمو رؤوف في الصيف واحنا فضلنا، رجع من غير طنط قوقة، ولكن معاه طنط تانية حلوة قوي اسمها علية، لبسها كله كان قمصان نوم ملونة بتلمع وبتاكل لبان باطوق بطعم الموز.. الموز اللي كانت كل معرفتي بيه لما بابا ييجي من بره شايل سبايط منه يعلقها على مسمار بره شباك المطبخ ويشيلني يقعدني ع الشباك يعمل نفسه ساحر بيجيب الموز من الهوا.
محمد فضل دايما سابقني بخطوة، لو قريت كتب يبقى عشان محمد في يوم من الأيام كان بيقرا، لو كتبت يبقى عشان محمد كان بيكتب، ماكانش في انجليزي في المدارس في ليبيا ولكن محمد بقى عبقري في الإنجليزي.. علم نفسه تماما.. ودي كانت آخر حاجة قدرت أقلده فيها مع إني مابقيتش أحسن منه خالص، وقفت قدراتي عند الفيزيا والإلكترونيات وهو شرخ لوحده هناك، لما رحت اتعلمت النجارة كانت بسبب إن محمد عمرة ما كان فكر مرتين لو هو مكاني وكان اتعلم، لما باجي اخد قرار أو أفكر ، بفكر زيه كان حيعمل ايه لو كان مكاني؟
أنا عمري ما قلت له الحاجات دي، بس محمد.. أخويا الكبير.. طول عمري شايفاه أذكى، أقوى، أحلى، أرقى، أشيك، وأحن.. محمد مثلي الأعلى اللي من ساعة ما اتولدت ولحد ما أموت.. هقلده.