يخطئ من يظن أن العملية الشاملة سيناء 2018 لتطهير مصر من الإرهاب، التى بدأت أوائل فبراير الماضى، تستهدف ملاحقة فلول الإرهابيين فى سيناء وفى باقى أنحاء البلاد فحسب، فتلك الفلول، ومهما تزايدت أعدادها، لم تكن تمثل خطراً حقيقياً على كيان الدولة المصرية، ومصيرها الحتمى الذى كان مؤكداً هو الفشل والزوال.
العملية سيناء 2018 التى انطلقت على كافة الأنحاء، بمشاركة أسلحة الجيش المختلفة، البرية والبحرية والجوية، وبمشاركة الشرطة، كانت بمثابة إعلان قوى لمن وراء فلول الإرهاب، دولاً وأجهزة استخبارات، بأن مصر استردت قواها الكاملة، وأن أحداث السنوات (2011 - 2013) ذهبت ولن تعود، تلك السنوات التى شهدت تعمُّد إشاعة حالة عامة من الفوضى خطط لها ودعمها قيادات جماعة الشر خلال الفترة التى سادوا فيها المشهد العام بعدما رفعوا شعارات دينية مكذوبة، عقب أحداث يناير 2011.. تلك الفوضى كانت ضمن مخطط جماعة الشر وأعوانها لحكم مصر لعدة عقود، كما توهموا، ضمن خطة وضعتها قوى إقليمية ودولية، لوضع تركيبة جديدة تستهدف إعادة صياغة موازين القوى فى منطقة الشرق الأوسط يتم خلالها إزاحة مصر عن ممارسة دورها وتأثيرها الإقليمى، وكانت جماعة الشر وداعموها من القوى المتربصة بمصر تدرك أن الجيش المصرى والشرطة يشكلان العقبة الكبرى التى ستحول بينهم وبين تنفيذ أبعاد مخططهم، ولم يكن من قبيل الصدفة تعمُّد استهداف إسقاط الشرطة مع الساعات الأولى لما سموه «جمعة الغضب» يوم 28 يناير 2011، ولم يكن من قبيل الصدفة كذلك البدء فى الترتيب لمخطط استهداف الجيش المصرى، بتعمُّد تهريب الآلاف، وربما الملايين، من قطع الأسلحة المنوعة التى كانت فى مخازن الجيش الليبى، إلى داخل مصر، وبخاصة سيناء، عقب سقوط النظام الليبى. ولم يكن من قبيل المصادفة كذلك تحويل شمال سيناء إلى مركز لتجمُّع كافة العناصر الإرهابية، مصريين وغير مصريين، التى كانت هاربة فى أماكن شتى من العالم، ومن بينهم من أمر محمد مرسى بإخراجهم من السجون بعد أن أُدينوا فى جرائم إرهابية بقرارات جمهورية، أو من أسقط قرارات قضائية وأحكاماً كانت صادرة بحقهم.
ولم يكن من قبيل المصادفة، محاولة جماعة الشر وأعوانها، أواخر عام 2012 وأوائل عام 2013، تكوين ما أُطلق عليه جيش مصر الحر فى أقصى الشرق الليبى فى أقرب المناطق المتاخمة للحدود المصرية، تمهيداً للدفع بآلاف من المستأجرين المزودين بأسلحة ومركبات، دفع ثمنها دول ضالعة فى مخطط إسقاط مصر باستخدام جماعة الشر.
كل هذه التطورات التى شهدتها السنوات ٢٠١١ - ٢٠١٣، تابعتها وواجهتها الأجهزة المعنية، وفى الوقت ذاته تكشف للمصريين كذب ادعاءات جماعة الشر. وخرج الملايين من المصريين يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ولفظوا الإخوان وأعوانهم، فقرروا الانتقام، وأشعلوا نيران أسوأ مخطط إرهابى استهدف مصر، منذ أن بدأت جماعة الشر وأعوانها وتابعوها تنفيذ المخططات الإرهابية خلال العقود الماضية!
وكان لافتاً أن الممارسات الإرهابية الدموية التى شهدتها أرض سيناء وراح ضحيتها مئات الشهداء من أبناء مصر من المواطنين والجيش والشرطة، هى ممارسات مدعومة بإمكانات تفوق قدرات مجموعات من الإرهابيين أياً كان عددهم، إمكانات أجهزة متخصصة وليس أفرادا محدودى القدرة.
العملية سيناء ٢٠١٨ جاءت كمرحلة تصعيدية لجهود القوات المسلحة والشرطة لتطهير مصر كلها من الإرهاب وليس سيناء وحدها، جاءت استكمالاً لمراحل عديدة أنجزتها القوات المسلحة والشرطة، طال أجلها بعض الشىء تلافياً للإضرار بالمدنيين فى سيناء الذين كان يتعمد الإرهابيون القتلة التمترس بالقرب منهم.
العملية سيناء ٢٠١٨ تستهدف بالأساس تحقيق الفصل التام بين الرؤوس الداعمة والممولة وبين الفلول الإرهابية.