ويتحدث «العهد القديم» عن حادثة مدبرة وقعت فى بيت داود: «كان لأبشالوم بن داود شقيقة جميلة اسمها ثامار، وقد أحبها وتتيم بها أخ لها من أبيها اسمه أمنون، وحدث أن أمنون مرض وطلب من أبيه أن تحضر أخته لتعد له طعاماً وتطعمه، ولما حضرت أخته أخلى المكان وزنى بها على الرغم منها، وخرجت ثامار صارخة باكية، ولما عرف أبشالوم شقيقها هذا دبر فى نفسه مكيدة لينتقم من أمنون، فدعاه هو وإخوته إلى الطعام، وأوصى عبيده أن يثقلوا الطعام والشراب لأمنون حتى يسكر ثم يقتلوه...» (صموئيل الثانى، الإصحاح 13).
وجاء بـ«سفر الملوك الأول» بـ«العهد القديم» أنه عندما آل الملك إلى سليمان، قتل أخاه أدونيا، وقتل يوآب قائد جيشه وهو ممسك بقرون المذبح مستجيراً، وقتل شمعى أحد كبار الرجال فى مملكة أبيه داود. (سفر الملوك الأول 2: 23- 25، 28- 31). وينسب العهد القديم انحرافات دينية لـ«سليمان»، فجاء فى سفر الملوك الأول:
«وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات. من الأمم الذين قال عنهم الرب لبنى إسرائيل: لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم، لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة. وكانت له سبع مائة من النساء السيدات، وثلاث مائة من السرارى، فأمالت نساؤه قلبه. وكان فى زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى، ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء عشتورث إلهة الصيدونيين، ولمولك رجس بنى عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتى كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن. فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذى تراءى له مرتين، وأوصاه فى هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى، فلم يحفظ ما أوصى به الرب». (سفر الملوك الأول 11: 1- 10).
هذا بعض ما ورد بالعهد القديم عن الأنبياء الذين أُرسلوا إلى بنى إسرائيل، فضلاً عما صنعوه مع موسى (عليه السلام)، وما جرى للسيد المسيح (عليه السلام) وأسلفناه. فهل فكر السادة أصحاب الدعوة العنصرية البغيضة فى أن يطلبوا حذف هذه الإساءات البالغة للأنبياء بالعهد القديم؟!!
الأعجب أنه غاب عنهم حقيقة ما ورد عن هؤلاء الأنبياء بالقرآن الكريم!!
القرآن الكريم يحسن إلى الأنبياء، على نقيض العهد القديم، كتاب اليهود، الذى أساء إلى أنبيائه، إذْ إن القرآن الكريم تحمل سورٌ كاملة فيه أسماء الرسل والأنبياء، ومنهم أنبياء لبنى إسرائيل. سور: الأنبياء، ويونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، ونوح، ومريم، وإذ بالقرآن الحكيم يتحدث عن الأنبياء السابقين، بمن فيهم أنبياء بنى إسرائيل، بكل توقير وإجلال وتكريم:
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ..} (النساء 163).
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ..} (الأعراف 59). {فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِى الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ..} (الأعراف 64).
{إِنَّ الله اصْطَفَـى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (آل عمران 33).
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ..} (الشورى 13).
{سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِى الْعَالَمِينَ..} (الصافات 79).
وفى رعايته سبحانه وتعالى لنبيه هود وقد حمل دعوة التوحيد إلى قومه عاد: {فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} (الأعراف 72، وهود 58).. كذلك رعايته سبحانه وتعالى لنبيه صالح الذى حمل دعوة الهداية والتوحيد إلى قومه ثمود {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ الله مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ الله وَلاّ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِى الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء الله وَلاَ تَعْثَوْا فِى الأَرْضِ مُفْسِدِينَ. قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دَارِهِمْ جَاثِمِينَ. فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّى وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف: 73- 79). يصف القرآن المجيد كيف نجَّى الله نبيه صالحاً والذين آمنوا معه فيقول: {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ...} (هود 66).
يمضى القرآن فيورد كيف كانت رعاية الله تعالى لأنبيائه وكيف كانت لنبيه لوط الذى نجاه وأهله إلاَّ امرأته التى كانت من الغابرين (الأعراف /83) ولنبيه شعيب الذى كذبه قومه: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دَارِهِمْ جَاثِمِينَ..} (الأعراف 91).. {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا..} (هود 94).
وعن أبى الأنبياء إبراهيم الخليـل يقول عز من قائل: {.. وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِين} (البقرة 130).. {وَاتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً..} (النساء 125).. {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ} (هود 75).. {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِياً} (مريم 41).. {سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (الصافات 109).. {إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} (الأعلى: 18، 19).
ليس صحيحاً إذن أن القرآن أساء أو يُسىء لليهودية كدين، بل ولم يتحدث عن موسى الكليم إلاّ بكل توقير وإجلال:
{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَـانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (البقرة 53).. {وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً} (النساء 153).. وموسى الكليم الذى ذكر فيه القرآن الحكيم: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ. ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (البقرة: 51- 53).. {وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ} (البقرة 92).. {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِياً} (مريم 51).. {سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} (الصافات 120).. {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (النساء 164).. {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِى جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ} (الأنعام 91)..
{ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَـةً لَّعَلَّهُـم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} (الأنعام 154)، {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّى اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِى} (الأعراف 144).. {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مُوسى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولا نَّبِياً} (مريم 51).. {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ} (الأنبياء 48).
{وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} (الأنعام 86)..
{وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} (غافر 34).. {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} (يوسف 21).
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الأيْدِى} (ص 45).
«وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} (الأنعام 85)..
{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ} (الصافات 123).. {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} (الصافات 130).