كلام ستات
زميلتي بالعمل لا هم لديها سوى الشكوى من المعيشة والأطفال وزوجها الذى يرهقها و يفسد عليها معيشتها، مع العلم أنها لا تعمل ربع ما تتكلم، تظل تتكلم حتى تنصرف قبل المواعيد الرسمية لانتهاء العمل، بحجة الإسراع للبيت قبل زحمة المواصلات لإعداد الغداء، و أجدني متورطة في عملها الذى لا تتمه أصلا ولا تنجزه.
ووجدتني أقلدها أنا الأخرى لتخفيف عبء العمل عن كاهلي، غير أنى وجدتني لا أتحمل القيام بهذا الدور، فسرعان ما شعرت بالاكتئاب والصداع يتسلل لدماغي، فعلا الأمر يستلزم طاقة للمحاكاة، فانفجرت بوجهها ناصحة إياها أن تكف عن تلك النغمة فكلنا يعرف أن زوجها رجل طيب ولديه شركته الصغيرة، واستطاع جلب خادمة لها وأنها ترتاد المطاعم على الأقل ثلاث مرات بالشهر، على عكس الغالبية منا والتي لا تستطيع تدبير تكلفة غداء واحد كل ستة أشهر.
المدهش أنى وجدت جميع الزملاء بالعمل يساندوني، ويعلنون تضامنهم الخفي وتسليمهم بكلامي دون أن يكلف أحدهم نفسه ويتكلم، شعرت براحة عميقة لما ألجمتها وجعلتها تضع لسانها بفمها، وتنكفيء على ملفات العمل المتأخرة وهى تبسمل و"تحوقل" وتستعيذ بالله من الحسد و لسان حالها يقول مثل سائقي الشاحنات الكبيرة، "العين صابتني ورب العرش نجانى"، من يومها وهى تتحاشى الحديث معي، بل وجدتني أحول لها ملفاتي المتضخمة لتعوضني عن ساعات العمل التي انقصم فيها ظهري، بينما هي تولى الأدبار للحاق بسيارة زوجها الفاخرة بينما أنحشر أنا بمترو السيدات في طريق الذهاب والعودة.
فوجئت بها تطلب نقلها لقسم آخر للتضرر من عبء العمل، وتخيلت بفراستها وتظاهرها بالطيبة أن المدير سوف يوافق على نقلها، لكنه أمرها أن تلتفت لعملها وإلا فلتتركه لآخر يريد العمل، وتكتفى بالعمل بشركة زوجها، من حينها وهي تنظر لي بعدائية حتى همست في أذنيها قائلة "لن ينظر أحد إلى ما في يدك، وأما كلامك وشكاويك المفتعلة سوف تنفر الناس من وجودك".