"هدية رفاعى".. قاتل ادعى أنه من أولياء الله وعاش 22 سنة في مغارة بالجبل
جثة _ ارشيفيه
بعد مقتل محمد منصور خط الصعيد الأشهر، ظهر عشرات من المطارديد الذى سعوا لوراثة صيت وسطوة "منصور"، لكن الداخلية كانت لهم بالمرصاد ولم يصمد سوى عدد قليل منهم، أبرزهم "هدية رفاعي" أو "وحش الجبل"، فقد لازم هدية سفح الجبل 22 سنة متواصلة ولم يغادره حتى سقطت عنه العقوبات لمرور الزمن، وعاش أيامه المتبقية في قريته المشايعة الواقعة في حضن الجبل الغربي بين سوهاج وأسيوط حتى وفاته على فراشه بين زوجته وأبنائه.
كان "هدية رفاعي" في العشرينات من عمره حين أطلق الرصاصة القاتلة الأولى من بندقيته في مطلع الأربعينات من القرن الفائت، كان حينذاك مزارعاً بسيطاً، وثمة ثأر بين عائلته وعائلة حسين، وذات صباح فوجئ بمصرع والده على يد عائلة حسين.
لم يذرف "هدية" دمعة، كما لم يتقبل العزاء تاركاً قبره بلا طلاء، ما يعني في عرفهم أن ثمة من سيأخذ بثأر الميت، لم ينتظر هدية طويلا، وكانت بندقيته جاهزة تماماً، والضحية كذلك، كان مملوء القلب بروح الانتقام وتم له ما أراد فطلى قبر والده بالجير الأبيض كما تقتضى العادات ثم ما لبث أن قُبض عليه.
قضى عقوبة 10 سنوات سجناً ليعود إلى قريته وقد ناهز الثلاثين من العمر، وفوجئ إثر عودته بمصرع شقيقه على يد أسرة حسين، وطلبت منه العائلة الأخذ بثأر أخيه، وفى يوم ذهب إلى الحقل فوجد 5 من أفراد عائلة حسين يتهمونه بالاعتداء على حقولهم، وتحولت المشادة الكلامية إلى توجيه إهانات له ولعائلته فغلى الدم في عروقه واتجه فوراً إلى شجرة عند مشارف الحقل كان أخفى بندقيته تحتها ليطلق الرصاص على أفراد عائلة حسين. في ثوانٍ معدودات سقطوا جميعاً جثثاً هامدة ثم وجد نفسه ملقى القبض عليه لينتهي أمره في سجن أبو زعبل مرة جديدة ليمضي عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.
غير أنه قرر هذه المرة الهرب وبعد عامين من دخوله السجن نجح في الفرار، واستقر به المقام في كوخ صغير في حضن الجبل عند سفح قريته مطلقاً لحيته مدّعياً أنه من عباد الله وأوليائه الصالحين الزاهدين ذوي الكرامات فوجد في ذلك وسيلة يتكسب بها عدة قروش ليقتات مستمراً قرابة عامين، وبعد أشهر قليلة فوجئ هدية بابنه يدخل مغارته حاملاً بندقيته وجلبابه ملطّخ بالدماء، وعلامات الخوف مرتسمة على وجهه، فروى لهدية أنه حين كان يروي حقله من ماكينة القرية وقع خلاف مع أولاد حسين على أولوية الري تطور الخلاف إلى معركة انهال فيها أفراد عائلة حسين عليه ضربا بالعصي حتى سالت دماؤه. لكنه تحامل على نفسه وذهب إلى بيته ليحضر بندقيته، وبينما هو يخرج قابله أحد أفراد عائلة حسين فأصابه فقرر الهرب إليه.
ثار هدية على ابن عمه لأنه خان العهد و دعا ابن عمه ألا يخرج من المغارة حتى يقوم هو بتسوية الموضوع فتوجه الى القرية وأطلق الرصاص فقتل 7 منهم في عام 1972، وقرر مغادرة الجبل بعد سقوط الأحكام الصادرة ضده بالتقادم، حيث بقي في الجبل أكثر من 22 سنة.