العادلي يعترف بـ"قطع الاتصالات" ومساعده يهاجم القرار.. "أنا مش عارفني أنا تهت مني"
عقارب الساعة تتوقف عند العاشرة من صباح الثامن والعشرين من يناير 2011، الكل يستيقظ من نومه لا يعرف ماذا سيسفر عنه ذلك اليوم العاصف، المشهد يكتفي بأم انفطر قلبها على ولدها الذي هبَّ من فراشه ليتنفس نسائم الحرية، وزوجة تحتضن أبناءها وتمني نفسها بعودة عامود بيتها الفقري سالمًا، وأصدقاء يبحث كل منهم عن الآخر في ميدان واسع لا يعلمون مداه، يتملَّكهم الخوف من استحالة اللقاء مع انتشار رائحة الموت.. الكل يلجأ إلى هاتفه ظنًا أن فيه الخلاص، الجميع تصدمه ذات النتيجة: "اتقطعت الاتصالات".
وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي يقرر إعادة الأذهان إلى تلك اللحظات الفارقة بعد مرور سنوات ثلاث عليها، يفجِّر مفاجئة، خلال مرافعته عن نفسه ضمن محاكمة القرن، ويعترف بأنه مَن أمر بقطع الاتصالات، ووافق جميع الوزراء على الفكرة ولم يبدِ أحد اعتراضه، وتم تشكيل لجنة من المخابرات والداخلية والتليفزيون لقطع الاتصال خلال الفترة من 25 يناير وحتى 28 يناير.
لم تمضِ 24 ساعة على ذلك الاعتراف الذي هزَّ أرجاء الرأي العام حتى يطل علينا اللواء عادلي فايد، مساعد وزير الداخلية الأسبق للأمن العام، خلال الفترة نفسها، ويؤكد أن قطع الاتصالات، الذي أمر به وزيره، تسبب في عدم اتصال الضباط بقياداتهم، وهبوط الروح المعنوية لهم، والانفلات الأمني، "وقطع الاتصالات ده هي اللي اتسببت في حرق الأقسام وحرق النيابات والمحاكم، خربت مصر"، ليطرح ذلك الاعتراف تساؤلات عديدة حول آلية اتخاذ القرار في تلك اللحظة الفارقة.
الاختلاف الواضح بين اعتراف العادلي وتصريحات مساعده ينضم إلى سلسلة من التناقضات شهدتها جلسة دفاع وزير الداخلية المتهم عن نفسه أمس، حيث أكد أن الشرطة تعاملت بسلمية تامة مع المتظاهرين في 25 يناير وهو عكس ما قاله، خلال مرافعته عن نفسه في 2012، بأنه كان يبلغ مبارك بأسماء وأعداد المتوفين أولًا بأول، وقوله إن الداخلية لا تمتلك أي أجهزة للقنص، في حين أكدت تحقيقات النيابة، منذ عام، امتلاك الوزارة لـ433 جهازًا للقنص، فضلًا عن اعترافه بأن الشرطة لم تستخدم أي نوع من الأسلحة ضد متظاهري 25 يناير، في الوقت الذي اعترف بتحقيقات النيابة أن الأسلحة التي استخدمها الضباط في مواجهة المتظاهرين اقتصرت على "الخرطوش" فقط.