"نقيب الصيادلة": صراع "الإخوان" و"الليبراليين" شل النقابة لعام ونصف
قال الدكتور محمد عبدالجواد، النقيب العام لصيادلة مصر، إن الصراع السياسي الذي تعاني منه النقابة شل حركتها على مدار سنة ونصف، لم تستطع النقابة العمل لصالح الصيادلة، مضيفًا أنه تقدم بالاستقالة من منصبه بسبب تصرف خاطئ من الإخوان أعضاء المجلس، بعدما نظموا مؤتمرًا صحفيًا باسم النقابة، بثته قناة الجزيرة، للتضامن مع طبيب إخواني، توفي في محبسه، موضحًا أنه تراجع عن الاستقالة بعدما رفضها أعضاء المجلس كله.
وجاء نص الحوار..
ماذا قدمت للنقابة خلال فترة وجودك كوكيل للنقابة ثم نقيبًا؟
أنا عشت فترة طويلة 25 سنة في النقابة ورأيت نموذج من الاداء من اجل المصلحة العامة، وعلى مدار تاريخي النقابي إذا لم يكن هناك ما يذكر لي، سوى مشروع "الهيئة العامة للدواء" والتي لن أكون عضوًا فيها ولكن يجب عليّ السعي في هذا المشروع حتى وأنا خارج النقابة، ومشروع "الصيدلة الإكلينيكية"، فهذا يكفيني حتى لو تم الإشارة إلى اسمي من بعيد، أن يكون هذا هو ناتج 25 سنة من العمل النقابي.
وما الفائدة التي تعود على المواطن من الهيئة العامة للدواء؟
الهيئة العامة للدواء ستكون مظلة لكل ما له علاقة بالصيدلة، والهيئة تخطط للدواء بطريقة صحيحة، من حيث كمياته وتطوراته. وهذا ما سيغير على اقتصاد الدواء وتوفر الكميات الدوائية في السوق. وهذه الهيئة ستكون مكلفة بصناعة المادة الخام للأدوية، بما يحمي ويضمن الأمن القومي في حالة الحروب أو النزاعات لأن صناعة المواد الخام للأدوية توقفت تماما في مصر.
وهل بدأت هذه الهيئة في ممارسة مهامها؟
"لا طبعًا.. كل ما نمشي يحطولنا صابونة؛ لأن المتحكم طبيب والهيئة مش على مزاجه"، لكن هناك اشكالية حول الدور الذي ستلعبه الهيئة، وحل هذه الاشكالية أن تتفرغ الهيئة للدواء وتتفرغ وزارة الصحة للعلاج.
وماهي الصيدلة الإكلينيكية؟
الصيدلة الاكلينيكية تقضي بأن يتحول الصيدلي من مجرد صيدلي يقف خلف شباك لصرف الدواء، إلى صيدلي يمر مع الطبيب على المرضى ويناقش معه الدواء المناسب لكل حالة، ويحدد الجرعة التي يحتاجها كل مريض بدقة، ويصبح المتخصص الأساسي في الدواء هو الصيدلي وليس الطبيب.
وماذا تقدم من نصائح للنقيب المنتظر؟
على النقيب المنتظر أن يسعى خلف مشروع الصيدلة الاكلينيكية حتى تنتقل من صيدليات المستشفيات إلى الصيدليات العامة في الطرق، ليصبح المريض أكثر اطمئنانًا على النصائح التي يسمعها من الصيدلي وعلى الجرعات العلاجية التي تصرف له.
وما هو الدور الذي لعبته للحد من ظاهرة الدواء المهرب؟
الدواء المهرب في مصر ظاهرة مؤسفة جدا، ونحن ننتج 85% من الدواء المتداول في مصر، ومع هذا هناك عدد ضخم من الأدوية المهربة، والحقيقة أن النقابة تحاول من فترة طويلة، ولكن المسؤول عن الدواء المهرب، هو أن وزارة الداخلية لا تؤدي ما عليها في الرقابة على المنافذ الجمركية، وتتعامل مع الظاهرة بأهمية أقل. والنقابة مستعدة للتعاون مع وزارة الصحة لتسجيل بعض الأدوية المهربة ذات القيمة العلاجية. لتحديد سعرها ومعرفة مصدرها، لتتحول من دواء مهرب إلى دواء مستورد. أن إننا نسيب الحبل على الغارب لا يليق بمهنة تنتج 85% من دوائها.
ولماذا رفعت 3 دعاوى قضائية متتالية لفرض الحراسة القضائية على النقابة في عهدك؟
قضية فرض الحراسة هى انعكاس للصراع الدائر في مصر، لأن الادعاءات التي رفعت بها القضايا كلها تتخذ الطابع السياسي، بأن الاخوان أغلبية داخل المجلس، ما يمكنهم من توجيه أموال النقابة لخدمة مصالح الجماعة، ووصلت المسألة إلى حد الاتهامات بتبديد مال النقابة. وأقول أنا مال النقابة مراقب من هيئة المكتب والمجلس العام والجمعية العمومية، والجهاز المركزي للحسابات.
ويجب ألا ننسى دور النقابة مع الصيدليات التي حرقت في أحداث ثورة 25 يناير 2011 في محافظتي المنيا وأسيوط، وبالصدفة كل الصيدليات التي حرقت أصحابها مسيحيون، والنقابة دعمت أصحاب كل هذه الصيدليات لتجديد صيدلياتهم. والأسباب خلف فرض الحراسة أسباب سياسية. وأنا على يقين أنه اذا كان هناك عقل وطني حقيقي فليس من المحبذ أن تدار نقابة مهنية بالحراسة.
هل كانت مشكلة "الإخوان" فيما يثار من تبديد أموال النقابة فقط؟
"أنا ماشوفتش منهم حاجة وحشة داخل المجلس" ولكن هناك صراع سياسي داخل النقابة يتمثل في أن الصيادلة الليبراليون يسعون لإزاحة الـ14 عضو من أعضاء المجلس المحسوبين على الإخوان، والإخوان يريدون مقاومة الفكر الليبرالي، ولهذا السبب النقابة مضت سنة ونصف دون أن تفعل شيئًا للصيادلة، "أنا بقعد في الاجتماع، باطبط على ده أو أشتم ده، وهو الصراع الذي أضاع جهد النقابة، وماكناش فاضيين إننا نشتغل لصالح الصيادلة". ومجلس النقابة الآن إذا عُرض عليه مشروع إسكان مقدم من الإخوان يرفضه الليبراليون، وإذا عُرض منهم يرفضه الإخوان، وكلا المشروعين يحقق مصلحة الصيادلة
ولكنك محسوب على تيار "صيادلة من أجل مصر" الإخواني؟
سياسيًا أنا ناصري الهوى والتوجه، وكنت عضوًا في المجلس الاستشاري المدني فترة حكم المجلس العسكري، وفي وقت من الأوقات أن كنت مكلف من المجلس الاستشاري المدني بالتواصل مع حزب الحرية والعدالة، وفي جلسة لي مع الدكتور محمد مرسي، رئيس الحزب حينها قال لي، "يا دكتور محمد أنا بقالي 25 سنة عاوز أدخلك الإخوان"، فقلت له "ولو قعدت 25 سنة كمان مش هدخل الإخوان"، والإخوان يهمهم أغلبية المجلس، ويهمهم أن يكون النقيب شخص حر، وقد دعم الاخوان الدكتور حمدي السيد، وهو كان عضوا في الحزب الوطني، ونقيبًا للأطباء، وكذلك ما حدث مع النقيب الحالي الدكتور خيري عبد الدايم، وهو لا ينتمي للإخوان، وأنا اختيرت نقيبًا بعدد أصوات يزيد عن عدد الصيادلة الإخوان بفارق كبير. ولقد اشتركت في أعمال سياسية ليس مطبوعة بطابع الإخوان، ودخلت النقابة على قائمة ضد الإخوان، ونقدر نقول عليها قائمة "المسيحيين" واشتغلت وثبت للإخوان وغيرهم أنني وجه مقبول لدى لدولة.
لماذا يبدو موقفًا مزدوجًا في مواجهة قرارات رابطة الموزعين التي ترأسها وأضرت بالصيادلة وأنت نقيبهم؟
لقد كنت صاحب فكرة إنشاء رابطة للموزعين، وكنت رئيسًا لها فعلًا وقتما اتخذوا قرارات خفض نسبة الخصم النقدي وتقليل فترة الائتمان لبعض الأدوية، لكني الآن استقلت من الرابطة وعادت شركة التوزيع التي أرأس مجلس إدارتها تتعامل مع الصيادلة بالسياسة البيعية القديمة.
وحاليًا أنا عضو اللجنة العليا للصيدلة والدواء، وأعتقد أنني نجحت في الحفاظ للصيادلة على هامش الربح الجديد بـ 25 % بدلا من 20 % وتطبيق ذلك على الأدوية القديمة وليست الجديدة فقط. وأسعى إلى إلغاء هذه القرارات لكي تتحمل الشركات المنتجة هذه الزيادة وليس الصيادلة، مع العلم أن الصيادلة المتأثرين بهذه القرارات عددهم قليل، لأن الصيدليات الكبرى لها نسبة خصم أقل وفترات ائتمان أطول.
ولماذا أعلنت استقالت ثم تراجعت عنها؟
تقدمت بالاستقالة بعد تصرف خاطئ من إخوان النقابة، اعتبرته نوع من أنواع التصرفات الخاطئة جدًا، والسبب أن طبيب توفي في السجن، وهو إخواني، ودعت نقابة الأطباء لتكريم الطبيب، لكني رأيت أنه ليس صيدلانيًا، وعليه طلبت من الأمين العام ألا يقعد مؤتمرًا لتكريمه، ولكني فوجئت بانعقاد المؤتمر وبثت تغطية المؤتمر على قناة الجزيرة، فتقدمت باستقالتي، ولأسباب ما، رفض مجلس النقابة كله استقالتي.