منتدى الشرق الأوسط.. آمال في مستقبل أفضل وسط الفوضى
على خلفية نيران الصراع المستعر في العراق وسوريا، يسعى القادة السياسيون ورجال الأعمال في الشرق الأوسط إلى التركيز على مستقبل النمو والاستثمارات في منطقة لطالما تخلفت عن الركب الاقتصادي.
غير أن الوقت الحاضر أثبت صعوبات لا يمكن تجاهلها، حيث يعيث تنظيم "داعش" فسادا وفوضى بالقرب من شواطئ البحر الميت.
قال عاهل الأردن عبدالله الثاني، للحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد على شواطئ البحر الميت، "جميعنا يدرك الأزمات التي توردها الأخبار.. لكن هناك واقعا آخر أكثر عمقا.. ففي مختلف أرجاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يسعى أكثر من 350 مليون مواطن جاهدين (للمستقبل)، فيما ينمو الاقتصاد ويحقق الشباب (طموحاتهم)، والعقبات تجري معالجتها، في الوقت الذي يتم فيه الكشف عن فرص وإمكانات وأصول جديدة".
هناك قدر من المصداقية للمزاعم بشأن تطور الأوضاع للأفضل، حيث يشهد الاقتصاد المصري تحولا بعد عدة سنوات كارثية منذ الإطاحة بالدكتاتور حسني مبارك من السلطة العام 2011 والتي اتسمت بعدم الاستقرار والعنف، فأسواق الأوراق المالية تزدهر وتصنيفها الائتماني في ارتفاع.
كما أن الدول الخليجية تزدهر بشكل حقيقي، بينما يداعب التحول الديمقراطي في تونس النجاح الحقيقي. والأردن نفسه، حافظ على مستوى متواضع من النمو الاقتصادي بالرغم من تدفق اللاجئين السوريين.
هناك نصف وربما أكثر فارغا من الكوب، فبالرغم من الاضطرابات التي كانت تعرف في السابق "الربيع العربي"، فإن الديمقراطية لم تضرب بجذورها في المنطقة.. بعض المناطق لم تحاول أصلا تحقيقها، والبعض الآخر قام بمحاولات مبدئية.
في ليبيا، انهار كل شيء وتحول البلد إلى خراب، الميليشيات المتصارعة باتت تدير حكومتين تعيستين، وأصبحت هذه الدولة الممزقة ملاذا لمهربي المهاجرين.
الحروب ليست مستعرة فقط في سوريا والعراق، لكن رحاها تدور أيضا في اليمن، حيث سيطر الحوثيون الشيعة على العاصمة "صنعاء" ومعظم أرجاء البلاد، ويجدون أنفسهم حاليا تحت وطأة غارات جوية لائتلاف سني تقوده المملكة العربية السعودية.
لم يتحقق بعد غزو بري متوقع، على الأرجح من ميناء عدن. وعلى مدى شهرين تقريبا، تسببت الحملة الجوية في بعض الأضرار بالنسبة للحوثيين، لكنها فشلت في إزاحتهم.
ربما ما حدث في اليمن وهذا الفشل يعكس نفس ما تعانيه الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش".
في هجوم بدأ قبل عام ونصف، سيطر التنظيم المنشق عن القاعدة على مساحات شاسعة في العراق وسوريا، لاسيما في المناطق السنية من البلدين.
في المناطق التي تخضع لسيطرته، يرحب السنة بمسلحيه في بعض الأحيان، لكنه يحكم عادة عبر ترويع السكان المحليين، وارتكاب أعمال وحشية تجاه خصومه السياسيين وغير المسلمين.
يبدو أن الحملة الجوية التي بدأت قبل تسعة أشهر، جنبا إلى جنب مع الجهود الكردية على الأرض، أوقفت تقدم التنظيم على الأقل، فقد طردوا من مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين، ومن بلدة كوباني الكردية السورية.
غير أن التنظيم سيطر هذا الأسبوع على بلدة تدمر السورية، التي تضم مواقع تاريخية شهيرة تعود إلى الحقبة الرومانية، لتقترب كثيرا من حمص المعقل الرئيسي لنظام بشار الأسد.
وقبل أسبوع، سيطر التنظيم على مدينة الرمادي، ليحكم سيطرته على محافظة الأنبار ويقرب الجهاديين من بغداد.
تلك التطورات أثارت مناشدات المسؤولين العراقيين في المؤتمر، ووصف نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك، سقوط المدينة بأنه "كارثة كبيرة"، ودعا إلى إيجاد "خطة إستراتيجية جديدة" لقوات التحالف العراقية والدولية للإطاحة بتنظيم "داعش" في العراق. وقال لـ"أسوشيتد برس" إن السماح للتنظيم الإرهابي بالسيطرة في الأنبار "غير مقبول وقدرة العراقيين محدودة للغاية".
فيما دعا نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، إلى إستراتيجية جديدة، لأن "الغارات لا تحل المشكلة"، ولكنهما لم يشيرا إلى إستراتيجية محددة بديلة ولم يدعوا إلى وجود قوات التحالف على الأرض.
في الحقيقة، لم يبد الكثيرون في ذلك الاجتماع واثقين من أي مسار محدد للأمام. إذ كان يمكن إيجاد اتفاق كئيب متعلق بما حدث في الماضي، خاصة في إلقاء اللوم على كثير من الأطراف المتناحرة الآن بسبب عدم تضمين السنة العراقيين في الحكومات التي قادها الشيعة والتي ظهرت بعد قيام الولايات المتحدة 2003 بالإطاحة بصدام حسين.
العداوات بين الجماعات، التي ظهرت في سوريا ذات التنوع المشابه، وإلى حد ما ظهرت في لبنان، أقنعت عددا كبيرا من المراقبين بأن إقامة تلك الدول الجديدة على يد مستعمرين غربيين استولوا على أجزاء من الشام من بين أيدي الامبراطورية العثمانية كان ضالا بشكل كارثي لأنه تجاهل الخلافات الطائفية.
قال السياسي الكردي العراقي روز شاويس وهو أيضا نائب لرئيس الوزراء إن البلاد من المحتمل أن تتفكك، والطريقة الوحيدة لكي يزدهر العراق كدولة موحدة هي إذا تولت المناطق الشيعية والسنية والكردية أمورها بنفسها، حسبما قال.
الخطة في مثل هذه الاجتماعات هي تصحيح الأخطاء الاجتماعية والاقتصادية في منطقة مالت إلى الافتقار إلى الجبهة الاجتماعية الاقتصادية، إلا فيما يتعلق بالاستثناءات المتعلقة بالنفط، سواء نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أو متوسط العمر المتوقع أو المنشورات العلمية لكل فرد.
لكن القلق السياسي والوجودي غلب على اجتماع كانت جلساته تهدف إلى التركيز على قضايا مثل بطالة الشباب، والتحضر والسياحة والمساواة بين الجنسين، والقضية الأخيرة وحدها كانت تحمل مسارا معقولا لازدهار أكبر مما شهدته المنطقة في حقبة ما بعد الاستعمار.
كان التطلع في الحدث كبيرا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي ما زال يبني شعبية عامة في مصر بأجندة الاستقرار فوق كل شيء، فهو يبدو أكثر تفضيلا للإصلاح الهيكلي الذي تحتاجه البلاد كثيرا، وظهر كأنه رمز أيديولوجي بارز ومعارض للتطرف الإسلامي.
وفي إدانته "للتطرف" في تصريحاته أمس، قال السيسي إن المتطرفين يسعون من خلال الإرهاب إلى تدمير هياكل الدولة وتقسيم الناس من خلال استغلال الاختلافات الدينية والطائفية أو العرقية. وأضاف "جهودنا لمكافحة الإرهاب والتطرف يجب أن تتزامن معها مساعي نحو تحقيق مستقبل تسود فيه الحرية والمساواة والتعددية، وأن يخلو من القمع والظلم والإقصاء".