فرح الإخوان المسلمون حين قلت للزميلة «منى الشاذلى»، مساء أمس الأول، فى ختام حلقة برنامجها «جملة مفيدة» على شاشة «MBC مصر»: «لقد قلت نعم فى الاستفتاء على الدستور».. لم تستطِع «الجماعة» -تنظيماً وحزباً- إخفاء سعادتها البالغة، فانبرت «ميليشياتها الإلكترونية» إلى الاحتفال بهذا النصر العظيم على مواقع التواصل الاجتماعى، حتى إن أحدهم كتب: «الجلاد تاب يا رجالة».. وكتب آخر: «أهلاً بك فى صفوف الجماعة»، وقال ثالث: «عقبال باقى الإعلاميين»..!
غير أن المديح حين يأتينى من «إخوانى يعمل بأجر» على «الإنترنت» لا يشرفنى، تماماً مثلما لا يوجعنى ذمهم وهجومهم.. لذا لم أهتم بذلك قدر اهتمامى برد فعل حزب «الحرية والعدالة» على هذه «الهدية».. إذ قال لى ياسر محرز، المتحدث باسم الحزب، فى ذات البرنامج: «إذن سوف تصلك كراتين الزيت والسكر غداً على البيت».. ورغم أن شيئاً لم يصِل حتى كتابة هذه السطور، فإن الأمل لا يزال يراودنى؛ لأن «الإخوان لا يكذبون!!!».. وليس معقولاً أن ينكثوا بالوعد لمجرد أن الاستفتاء مرَّ، وحصلوا منّى على «نعم»، ولم أحصل منهم على «الفراخ والزيت والسكر»..!
يا فرحة ما تمت لكلينا -أنا والإخوان- أنا؛ لأننى بعت صوتى فى الاستفتاء بـ«فرخة واحدة وكيلو سكر وزجاجة زيت» ولم أحصل على «الكراتين»، وهم؛ لأننى خدعتهم -مثل كثيرين- وأخذت كيس «الحرية والعدالة» أمام اللجنة، ودخلت لأقول وراء الستارة «لا» وألف «لا» ومليون «لا» فى «عين التخين والكبير والشاطر».. هكذا يديرون الانتخابات والاستفتاءات، فتتحول «الانتخابات» على أيديهم إلى «انتحابات».. و«الاستفتاء» إلى «فتاء» يشطر الأمة إلى أشلاء: مسلمون - كفرة - مرتشون - خائفون.. وأخيراً ممتنعون، جلسوا فى بيوتهم يندبون حظ وطن أعياهم وأصابهم بالاكتئاب..!
ولأننى لا أستسلم للاكتئاب بسهولة.. ولأننى اعتدت القتال ضد النظام السابق، رأيت الاستفتاء بمرحلتيه وكوارثه ودستوره المشوّه «مسخرة» ليس بعدها مسخرة.. تحوّل الاكتئاب إلى «سخرية»، والإحباط إلى «كوميديا ضاحكة باكية».. ففى ذات الحلقة مع «منى الشاذلى» دافع «الإخوان» عن قطع الكهرباء أثناء التصويت فى قرى مركز «الشهداء» بالمنوفية بأن الأمر صدفة.. والصدفة هنا ليس لها أى علاقة باتجاه التصويت فى هذه المحافظة صوب «لا».. وليس لها أى علاقة بنسبة تصويتها ضد «مرسى» فى انتخابات الرئاسة، التى وصلت إلى 72٪.. وليس لها أى علاقة بتعيين «إخوانى» منذ عدة أسابيع نائباً لوزير الكهرباء.. فكيف أتعامل مع هذه «الصدفة» بجدية؟!!
كيف أتعامل بجدية أيضاً مع مشاركة أمين «الحرية والعدالة» بجنوب سيناء فى فرز الأصوات داخل اللجنة؟! وكيف أتعامل بجدية مع حصول حلمى الجزار، أمين الحزب فى الجيزة، على «تفويض» مراقبة الاستفتاء من المستشار حسام الغريانى، رئيس الجمعية التأسيسية، للدستور هو وآلاف معه من أعضاء «الجماعة»؟! تخيلوا «الغريانى»، مؤلف الدستور، الذى دافع عنه بدمه وروحه، هو الذى يرأس المجلس الذى منح التفويضات على «بياض» لأعضاء وأمناء ومندوبى «الحرية والعدالة»، ومنعها عن منظمات المراقبة الأخرى؟!
لم أجد مفراً من «السخرية» حتى لا يطير عقلى.. لذا قلت لـ«منى الشاذلى» على الهواء: «أعطيت صوتى لنعم بفراخ وزيت وسكر الإخوان».. ولأن «اللى اختشوا ماتوا.. فقد صدّقوا.. أتعرفون لماذا؟!».. لأن تصويتى بـ«نعم» مفاجأة مدوِّية.. أما توزيع الفراخ والزيت والسكر فهو حقيقة ثابتة فى أعماقهم.. لذا لم يتوقفوا أمامه.. فعلاً.. مسخرة..!