افرحوا ما شئتم بزيارة عائض القرنى ومحمد العريفى لمصر وتمجيدهما لها فى خطب تأسر القلوب والعقول، وتمنحكم الإحساس بالنشوة بتاريخكم الذى اكتشفوا فجأة عظمته. هللوا للعريفى وصاحبه وسُبوا من يشكك فى أسباب مجيئه. ولكن لا تصدقوا إنهما جاءا فقط ليحمدا لهذا البلد عطاياه عبر التاريخ، ويسبّحا بفضله على العالمين، ويمدحا نساءه لحد القول إن من لم يتزوج منهن.. غير محصّن!!! دعونى أذكركم بحوار أجريته مع دكتور خالد أبوالفضل رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بجامعة «ييل» الأمريكية أهم جامعات العالم والعضو السابق فى لجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس الأمريكى من 2003-2007، وتحديداً الجزء الذى سألته فيه عن الموقف الأمريكى من ثورة 25 يناير، فقال لى: «بعد قيام ثورة 25 يناير، نظمت الإدارة الأمريكية الكثير من الندوات والمناقشات، تحت مظلة المخابرات الأمريكية والبنتاجون والبيت الأبيض والخارجية الأمريكية ودعيت لأكثرها، ومن خلال المناقشات قالوا إن مصر بعد انهيار نظام «مبارك» لن تكون مفيدة لهم إلا فى ظل نوعين من الحكم، إما نظام عسكرى أو شبه عسكرى، أو حكم شبيه بالمنظومة السعودية سلفى وهابى يسب الكفرة طيلة الوقت لكن يضع استثماراتهم فوق رأسه. وكانت السعودية حاضرة بشدة فى تلك المناقشات الأمريكية بعد الثورة المصرية، وكانت وجهة نظرها واحدة فى جميعها، وقالوا إنهم لا يرغبون فى عودة مصر الخمسينات التى قادت حركات التحرر فى المنطقة». أزيدكم فأقول إننى ومنى الشاذلى كنا على موعد للتسجيل مع دكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية صبيحة نشر الحوار فى يوليو 2011 وحكيت له الحديث، فأكده لنا، رافضاً الحديث عنه أمام الكاميرات. إذن لم يكن من مصلحة السعودية عودة مصر الخمسينات وما أدراك ما الخمسينات.. وأعود لحوار دكتور خالد أبوالفضل، وآخذ منه جزءاً آخر سألته فيه عن علاقة أمريكا بتيارات الإسلام المختلفة فى العالم، فيجيب: «جميع المناقشات والتقارير التى نشرت فى أمريكا أكدت أن الحركة السلفية فى العالم الإسلامى، بجميع تياراتها هى أقرب التيارات لمصالح الغرب، وأن نظرية صراع الحضارات تأخذ إفرازات الحركة الوهابية وتعممها على كل الحضارة الإسلامية، لذا زاد الاهتمام بدراسة الفكر الوهابى، فى ظل إنفاق السعودية بلايين الدولارات لنشر هذا الفكر، خاصة فى الفترة الثانية لولاية «بوش» الابن، حيث لم يعد مقبولاً انتقاد الوهابية.. نحن هنا لا ندرك أن الغرب أيقن منذ زمن أن الخطر الحقيقى ليس فى الحركات السلفية ذات المرجعية الوهابية، لكن فى الإسلام الليبرالى الوسطى، القائم على ثوابت الدين مع نظرة متفتحة للعالم، ويسوق الغرب الكثير من الدلائل لتأكيد رؤيتهم، منها أن الحركة الوهابية لا تعتبر مشكلتها الرئيسية وجود الأجنبى على الأرض المسلمة ولا الوجود الصهيونى الإسرائيلى، لكن أولوياتها معاداة الشيعة والصوفية، وقضاياها الوجودية تتعلق بمشاكل خاصة بفكرها كالبدع ووضع المرأة فى المجتمع، وأخطر ما نشر من تلك التقارير ما ذُكر عن أن الحركة الوهابية لا تمثل مشروعاً حضارياً بل مشروعاً تابعاً، اقتصادياً وحياتياً، للغرب فى كل شىء، كما فى النظام البنكى الإسلامى الذى يستفيد منه الغرب، لأن غالبية أمواله لا يتم استثمارها بل وضعها فى بنوك الغرب والحصول على فوائدها».
وهكذا يا سادة تلعب المملكة ومخابراتها وأدعياؤها فى سياستنا، تنفق البلايين لتحسين صورة الوهابية فى المجتمعات الغربية، وتزرع أيادى لها فى بلادنا يروجون لفكرها التابع للغرب لا القائد لحضارة المسلمين. لا يختلف العريفى عن محمد حسان، فقد شربا من ذات البئر، ودليلى أنه حينما سأل عمرو الليثى فى حواره العريفى عن جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، كانت إجابته بـ«لا»!! جاء القرنى والعريفى لغسل ثوب السلفيين فى مصر بعد أن تمرمط على يد السنة أدعيائهم. فما زال لهم دور فى المرحلة المقبلة تعده لهما المملكة والسى آى إيه.