ليس غريباً أن يأتى قانون الانتخابات الجديد ليصادر وجود المرأة من الخريطة السياسية، الغريب أن نتوقع الإنصاف والديمقراطية من مجلس الشورى الذى لم يشارك فى انتخاب نوابه سوى 7% من المصريين، والذى يضم فى عضويته 90 نائباً معيناً من قبل رئيس الجمهورية!!.. الغريب أن نتوقع العدالة والمساواة من تيار الإسلام السياسى الذى لا يرى المرأة إلا «عورة تسير على قدمين»!!.
إنه التيار الذى أقصى المرأة من كتابة دستور البلاد وجعل وجودها مجرد ديكور، وأخرج المستشارة «تهانى الجبالى» من سلك القضاء بنص دستورى.. لأنه يرى أن القضاء ولاية ويعتقد بأنه: «لا ولاية لامرأة»!!.
الولاية الآن على التشريع للجماعة وإخوانها من السلفيين، فلا تنتظروا تمكيناً للمرأة فى مراكز صنع القرار، ولا ديمقراطية حقيقية تتحقق من خلالها كافة القوى الوطنية والفئات الاجتماعية ومنها المرأة والأقباط.
التشريع فى عمر «الجماعة» مرحلة مهمة لرحلة «التمكين فى الأرض»، ولذلك يتم نفى المرأة من التمثيل النيابى.. حتى لا يبقى فى الصورة إلا «الأخوات»!.
«الأخوات» كما قال المحامى «صبحى صالح» فى مرتبة أعلى من نساء مصر، فلابد من إخلاء الساحة لنائبات حزب «الحرية العدالة» حتى تكتمل المؤامرة على مصر.. وحين ينتقل التشريع إلى «مجلس الشعب» الجديد يمكن تغيير كافة قوانين الأحوال الشخصية المنصفة للمرأة.
تخيل أننا أمام تيار يعتبر السماح بـ«ختان الإناث» قضية مصيرية فى بلد منهار اقتصادياً، يعانى صدامات دموية على أعتاب قصر الرئاسة.. فكيف نطلب من هذه العقول تمييزاً إيجابياً للمرأة فى قانون الانتخابات؟.
علينا أن نطلب من الأحزاب المدنية الدفع بالمرأة إلى الصفوف الأولى فى الانتخابات، وأن تدعمها فى مواجهة البلطجة الانتخابية وسطوة المال.. والفساد الذى لم تتطهر منه مصر حتى الآن.
أن نطلب من رئيس الجمهورية الذى وعد - قبل انتخابه- بتعيين «نائبة رئيس» بوقف هذا القانون الوحشى الذى يعيدنا إلى الوراء.. أن نذكّر أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس الشورى بأن المرأة المصرية واجهت الرصاص لتكتمل ثورة 25 يناير.. وعلينا أن نتذكر جميعاً أن مصر ملتزمة بما وقعت عليه من اتفاقيات دولية ومنها اتفاقية (السيداو) الدولية لمنع التمييز ضد المرأة.
نحن أعرق ديمقراطية فى المنطقة العربية، ورغم ذلك سبقتنا عدة دول، منها (الأدرن وتونس والمغرب) فى تمييز المرأة تمييزاً إيجابياً لأنها أرادت تحولاً ديمقراطياً حقيقياً.. وليس مجرد تمثيلية لترضى «أمريكا» عن نظام الحكم!. قانون الانتخابات الجديد يذكرنا بـ«ترزية القوانين»، لأنه صُمم خصيصاً ليأتى البرلمان الجديد «إخوانياً»، ولإهدار التعددية السياسية.. سواء من حيث تقسيم الدوائر والقوائم المغلقة.. إلخ!.
وهو قانون ملىء بالعوار الدستورى كسابقه، يصدر عن «مجلس شورى» لولا «تحصينه» بإعلان دستورى لتم حله.. فلا تتوقعوا منه إنصافاً للنساء.. بل انتظروا الإنصاف والعدالة من المحكمة الدستورية العليا.. إذا تم تمريره.