تشكو وتذرف الدمع وترفع أصبعاً وتخفض حاجباً لأن البعض أهانك.. أنت تراها إهانة.. وهم يرونها كلمة حق فى وجه سلطان جائر.. ويا ليتك كنت سلطاناً ورثها أباً عن جد.. ويا ليتهم كانوا رعايا فى مملكة تغدق عليهم العطايا ورغد العيش كى يتركوا التاج على رأسك.. لا أنت سلطان.. ولا نحن رعاياك.. فكن محترماً.. نحترمك..!
كيف تطلب من شاب أن يحترمك -شخصاً ومنصباً- فلا يضع البرسيم أمام بيتك، وهو الذى خلع نظاماً كان يستعذب قهرك وإذلالك، وأخرجك من غياهب السجن، ووضعك على كرسى الحكم، وقبل أن يرتد إليه طرفه سفكت دماءه، وسحلت رفاقه، وصفعت نساءه، وسميته «ثورة مضادة»؟!
أترى نفسك محترماً.. وقد رفضت جماعتك الخروج فى ثورة الشباب.. وانتظرت حتى يتبين لها المنتصر من المهزوم، خوفاً من بطش النظام.. أترى نفسك محترماً، وأنت تلاحق من رسموا كلمة «لا» بأرواحهم، بينما كنت تقول على الملأ: «لن نصنع ثورة.. وإذا حدثت بعيداً عنا فلا شأن لنا بها».. كيف يحترمك شاب انتشلك من خزى القهر والذل والضعف، فانقلبتَ عليه واتهمته بالخيانة والعمالة؟!
كن محترماً.. يحترمك الجميع..!
أترى نفسك محترماً.. وقد أهدرت سيادة القانون، وتعمدت تقزيم دولة كبيرة، وضربت نموذجاً صارخاً فى إهانة القضاء وتجاوز الدستور، فعمّت الفوضى وانتشرت البلطجة؟! أكنت تظن أن الناس ستحترم القانون والدولة والنظام، بينما ترى رئيسها يتحدى أحكام القضاء، ويصمت على حصار المحكمة الدستورية العليا ويعيّن نائباً خصوصياً له ولجماعته؟! كيف تطلب من المواطن أن يحترمك، وقد أهنت بلده ودولته وقضاءه ودستوره؟!
كن محترماً.. يحترمك الجميع..!
أترى نفسك محترماً.. وأنت الذى فعلتَ ما لم يفعله حاكم مصرى أو أجنبى أو حتى مستعمر بأمة عظيمة حار فى إذلالها الأعداء والخصوم.. أستحلفك بـ«دقنك» البيضاء، وصلاتك وسط حرّاسك المدجَّجين بالأسلحة: هل سمعتَ عن حاكم وضع مصر فى جيب عزبة صغيرة تبدو للناظر إلى الخريطة نتوءاً لا يُرَى بالعين المجردة.. دويلة لا تزيد على «دمل» تحت إبط مصر.. كيف يحترمك 92 مليون مصرى وقد أهنت كبيرهم وصغيرهم بـ«دمل قطر»..؟!
كن محترماً.. يحترمك الجميع..!
أترى نفسك محترماً.. وقد وعدت فأخلفت.. قلت فكذبت.. قررت فتراجعت.. حكمت فقسّمت بلداً لم يشهد انقساماً قبلك.. نمت آمناً بين حرّاسك بينما يموت الأبرياء فى شوارع الفوضى.. أكلتَ حتى امتلأتْ معدتك، والجوعى يتضوّرون فى صقيع العراء.. جلستَ على مقعدك الوثير، تشاهد بدم بارد طوابير الذل والإهانة للحصول على رغيف عيش.. عطست فانقلبت الرئاسة خوفاً على «أنف الرئيس»، بينما يموت الفقراء مرضاً وقهراً على أبواب مستشفياتك!
كن محترماً.. يحترمك الجميع..!
لا تُهِنْ مصر.. لترفعك فوق رأسها.. كن محترماً، ولا تحلم بما أسقط عروش أسلافك.. مصر أكبر منك ومن جماعتك.. افتح المصحف ثم توجّه مباشرة إلى الآية 78 من سورة الحج.. اقرأ بصوت عالٍ ليسمعك من فى النجوع: « وَمَنْ يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ».. صدق الله العظيم.!