بعد أن تعلقت أنظار كل المصريين الآن برجال جيشها الأبطال أجدنى أكتب مرة أخرى ما سردته لكم من خمسة أشهر؛ فالفريسة الآن قد أطربها الغناء..
المتأمل للمشهد السياسى فى مصر الآن وما تعيشه البلاد من فوضى عارمة سيلاحظ أن هناك ثلاث قوى تتصارع بشراسة للسيطرة على الشعب المصرى لتجذبه فى صفها..
فالإخوان المسلمون لا يزالون يلعبون على مشاعر الشعب التى يجيدون العزف عليها تارة باسم الدين وبالإيحاء إليهم بأن الرئيس المنتخب رجل فاضل وحافظ للقرآن ويصلى ويصوم وكأنه يصلى ويصوم للشعب وليس لنفسه، وتارة أخرى يخدع الإخوان الشعب بالأمان والوعود البراقة وحلم النهضة قائلين: اصبروا، الخير قادم وسنعيش فى أنهار من العسل، والاستثمارات قادمة، ومولاهم وولى نعمتهم حمد بن خليفة فاتح خزائنه للإنفاق على مشاريع ستجلب الرفاهية للشعب المصرى.. وفى واقع الأمر الإخوان لهم قواعد شعبية تجعلهم يجيدون العزف على مشاعر الناس؛ لذلك شئنا أم أبينا لهم حصة فى الشارع السياسى، والرهان كل الرهان على الوقت لكى يتخلص المصريون من خداع الإخوان وتجارتهم الرخيصة باسم الدين، وعلى ما يبدو أن الشعب سيتخلص قريباً من خداعهم.
وعلى الجانب الآخر نجد جبهة الإنقاذ، التى تعد تركيبة غريبة تجعل منها جبهة التناقضات فى نظر الشعب؛ فهى تضم كوكبة من السياسيين، البعض منهم أصحاب المصالح الخاصة التى تعلو على مصلحة شعب مصر، والبعض الآخر لا شك أن قلبهم على الوطن ومصلحة الشعب قبل أى شىء، فسنجد أن رئيس حزب الوفد ودكتور محمد البرادعى فى مركب واحد مع اختلاف الأهداف.. لكن على أى حال تلك الجبهة لها دور فى محاولة إيقاظ الشعب، موضحة الرؤية لهم بدور الجماعات الدينية فى التجارة بالدين وأيضاً التجارة بآلام الناس وفقرهم، لكن المشكلة التى تواجه تلك الجبهة هى افتقادها القواعد الشعبية التى تساعدها فى توصيل رسائلهم ببساطة للشعب.
ويبقى الصياد الأكثر مهارة، وهو العسكر، الذين يجيدون اللعب على أخطاء الآخرين، حتى تظل أنظار الشعب معلقة بهم فى توفير الأمن والأمان وحفظ البلاد من مهاترات القوى المدنية والدينية، ومن الملاحظ أن دور العسكر عاد من جديد فى صدارة المشهد السياسى، مستغلاً تناحر الأحزاب بمختلف أطيافهم فيما بينهم ونفور الشعب منهم، وصمت رئيس الجمهورية وغيابه عن المشهد رغم فداحته، والأحداث التى تمر بها البلاد من انعدام الأمن والفوضى المفتعلة التى صاحبت فعاليات الذكرى الثانية للثورة، خاصة فى مدن القناة بورسعيد والسويس ليظهر نفسه بمظهر المنقذ الهمام الذى يستطيع انتشال البلاد من كبوتها وعثرتها، معتمداً على أنه لديه رصيد سابق؛ فهو فى نظر الغالبية من الشعب صاحب الفضل الأول والأخير فى التخلص من آل مبارك وحماية الثورة.. فالطيور رغم مكائد الصياد يطربها الغناء.