تم بحمد الله وفضله عودة الطلبة إلى المدارس، وهنا يقفز سؤال، هل يملك أحد الإجابة عنه ألا وهو ما هى الرؤية والهدف من العملية التعليمية؟ هذا السؤال هو الجوهر الذى غاب فغاب معه التعليم فى المدارس الحكومية وتحولت المدارس الخاصة إلى مكان لحلب الأموال، فبصرف النظر عن أو بالإضافة إلى المصروفات الدراسية التى ارتفعت بصورة كبيرة وتكلفة النقل وثمن الساندوتش، أصبحت المدارس لا سيما الخاصة، تبدع فى ممارسة قهر أولياء الأمور، وأسوق هنا نموذجاً واحداً من نماذج كثيرة، فقد ظهر على استحياء منذ عدة سنوات ما يسمى ورقة احتياجات المدرسة «السبلايز»، وهى ورقة تكتب فيها المدرسة ما يجب أن يحضره الطفل من أدوات، وأنا كأم كنت أتسلم هذه الورقة وألقى بها فى سلة المهملات، لأنى أعرف تماماً احتياجات أبنائى أو أى أطفال فى التعليم، وهى الكراسات وبعض الأقلام للكتابة وبعض الأقلام للتلوين، لكن هذه الورقة يكتب فيها أشياء عجيبة، مثل طلب كمية هائلة من بكرات مناديل المطبخ والحمام، كمية هائلة من مواد التنظيف مثل المطهرات والصابون ومنظف الزجاج وغيره، رزم من أوراق التصوير، مريلة مطبخ وأشياء أخرى تكلف الأسر مبالغ هائلة دون مبرر مفهوم، أيضاً تطلب مرة واحدة رغم أن العام الدراسى ممتد ثمانية أشهر.
إحدى السيدات كتبت على الفيس بوك، ورقة «السبلايز» تحتاج أن نحضر سيارة نص نقل وننقل المطلوب فيها مع الزغاريد وغناء أغنية «هيصة، عند العروسة، هيصة»، وهو الحقيقة، تعليقاً على طريقة «شر البلية ما يضحك» فقد استدعت السيدة المغلوبة على أمرها بمرارة شديدة مشهداً تراثياً لجهاز عروس فى المناطق الريفية، وما تطلبه المدارس تحت هذا البند له توصيف قانونى واحد وهو «ممارسة النصب والسرقة» وهى جريمة مزدوجة، لا يراقب عليها أحد ويخضع لها الأهالى صاغرين لعدم وجود البديل، فمدارس الحكومة متكدسة وسيئة والمدارس الخاصة رديئة وقليلة، وأمام هذه الحالة الاحتكارية تتنصل المدارس الخاصة من كل مسئولياتها وتلقى بها على عاتق الأسر، بل قد تضع كل أحلامها وربما الاحتياجات الشخصية لمسئولى المدارس فى منازلهم، فعلى سبيل المثال، أليست أدوات النظافة والمطهرات جزءاً من تكلفة تشغيل المدرسة التى تُدفع لها المصروفات الدراسية؟ رزم الأوراق المطلوبة، أليست لتصوير بعض الامتحانات والمراسلات بين المدرسة والأسرة، أليست هذه أيضاً جزءاً من مصروفات التشغيل الإدارية المحسوبة ضمن المصروفات؟ إذا كان الأطفال ليس لديهم حصص تدبير منزلى ولا يدخلون مطبخاً إذن فبكرات المناديل للمطبخ هى قطعاً لمطبخ مدير أو مديرة المدرسة، وعلى الأطفال الذين تعتصر أسرهم أن يقدموا الدعم لمنزل السيد المدير، عندما كان أولادى فى المدارس ناقشت هذه الورقة مع المدرسة مرة واحدة، وعندما واجهتهم بأن هذا أحد أساليب السرقة لم يستطع أحد مواجهتى، وأتذكر أننى لم ألتزم أبداً إلا بما يحتاجه أولادى لواجباتهم المنزلية، أما ما يجرى فى المدرسة فهو جزء من العملية التعليمية التى أدفع لها مصروفات، وتناقشت مع أطفالى حتى يفهموا ولا يتعرضوا لابتزاز من أى مدرسين أو حتى زملاء، لكنى واثقة أنه ليس كل أم أو أب دارساً للقانون أو قادراً على عدم الخضوع لهذا الاحتيال، وليس مسئولية الأسر أيضاً أن تحارب فى كل الاتجاهات، خاصة أن الأغلب هرب إلى التعليم الخاص هروباً اضطرارياً وكنا نتمنى أن تكون مدارس الحكومة هى المكان الآمن لأولادنا
فهل من عاقل فى التعليم يستطيع مراجعة هذه الفوضى؟
للحديث بقية