«بحلم بالدنيا اللى مفيش فيها كره وغل»، هذه هى الكلمات التى كتبها الشاعر أمير طعيمة ولحنها الموسيقار إيهاب عبدالواحد والتى بدأ بها المطرب المصرى الصاعد محمد الشرنوبى أغنية افتتاح منتدى الشباب الأحد الماضى، ومعه المطربة المصرية الصاعدة أيضاً ملك الحسينى مع 9 مطربين آخرين من كل أنحاء العالم، هذا ما نعرفه لكن هل فكر أحد فى الطريقة التى تمت بها اختيار «الشرنوبى» و«ملك»؟ بالطبع فإن اجتماعاً من اجتماعات منظمى المؤتمر قد تم عرض اقتراحات عن موضوع الأغنية وفكرتها وشكلها ثم عن الشاعر الأنسب لكتابة كلماتها أو الشعراء المناسبين لفكرتها، ومن الممكن مفاتحة عدد من الشعراء فعلاً وكل منهم يقدم كلمات أغنيته ومن الممكن اختيار الشاعر المناسب مباشرة ولكن قد يكتب فى المرة الأولى كلمات لا تعبر بشكل كامل وبما يتطابق مع أفكار المنظمين عندئذ سيكون الحل فى كتابة فكرة أخرى حتى التوصل للفكرة المطلوبة وبعدها سيتم الإجراء نفسه لاختيار الملحن!
الملحن قد يرشح المطرب الأنسب وقد ترشحه اللجنة المنظمة أو كلهم فى اجتماع عمل، وعندئذ هناك من سيتذكره وهناك من سيطلب «سابق أعمال» وقد لا يكون محمد الشرنوبى هو الاختيار الأول وسبقه الجهد نفسه مع آخرين تم رفضهم حتى تم اختيار «الشرنوبى» و«ملك» من مصر، السؤال: كم من الوقت والاجتماعات يمكن استغراقه لتتمكن اللجنة من ذلك؟ وكل ذلك قبل البدء فعلياً فى تلحين الأغنية وإجراء بروفاتها! وهنا يلح السؤال الثالث: كم من الوقت إذاً سيحتاجونه فى اختيار المطربين الـ9 من باقى دول العالم؟! وفى كل بلد مطربون كثيرون يتمتعون بالصفات المطلوبة نفسها سناً وشكلاً وهذا يحتاج لفرز مئات الأسماء بمئات الأعمال لاختيار الـ9 وذلك أيضاً قبل كتابة سيناريو كليب الأغنية وفيه معالم أثرية وتاريخية فى البلاد التى سيمثلها المطربون وفى كل بلد أكثر من أثر وأكثر من مكان، وهذا يحتاج إلى صور أو أفلام لكل منها ثم مشاهدتها وفحصها كلها وسيكون لكل عضو من اللجنة المنظمة المكلفة بأغنية الافتتاح آراء مختلفة ولا بد من التصويت النهائى للتوافق على رأى نهائى ثم تأتى المرحلة الأصعب وفيها إجراءات الاتصال بمن اختير للعمل وفى ذلك اختيار مترجمين أو عناصر لها القدرة على التحدث بلغات المطربين وبطلاقة لشرح الفكرة وبعدها مفاوضات حول المواعيد والأجر أو المكافأة ثم الانتقال إلى التنفيذ العملى وفيه إجراءات حجز أو إرسال فريق تصوير كامل بمعداته أو سفره لكل دوله كاملاً لكن بغير معدات وكاميرات، على أن يتم استئجارها هناك وهذا يتطلب اتصالات إضافية ويأتى دور السفارات ثم تحويل الأموال بالعملة المتفق عليها وطريقة تسلمها هناك وكيفية حجز الإقامة فى الدول التى سيسافر إليها فريق التصوير والمخرج وتصاريح التصوير هناك وكذلك قبل الدخول فى التصوير ذاته وفيه مصففو شعر وخبراء ماكياج وخبراء ملابس لاختيار ملابس تتناسب مع الفكرة والكلمات وكل ذلك جرى فى 9 دول «حتة واحدة»!!!
نقف الآن أمام سيناريو آخر، وهو الاتفاق بالكامل مع فريق تصوير محلى يتم شرح الفكرة له وقيامه بها بالكامل وإرسال الأفلام المسجلة فيما بعد إلى مصر، ورغم أن ذلك يبدو سهلاً إلا أنه الأصعب لأنه لا يوجد عقلان متطابقان قط فى العالم مهما بلغت مساحة التفاهم بينهما ولذلك ستطلب السيناريو السابق مشاهدة نتاج كل تجربة تصوير وتعديلها أو حتى رفضها لحين الوصول إلى التصوير الأنسب الذى يتوافق مع رؤية المخرج وينسجم مع أداء باقى المطربين الـ11 وبالتالى فسيتم إجراء السيناريو نفسه فى الـ9 دول الأخرى التى مثلها مطربوها!
كل ذلك سيتم جمعه فى القاهرة ويصبح بين يدى منظمى المؤتمر ومنهم لمتخصصى المونتاج ومهمتهم تحويل كل هذه الأشرطة إلى شريط واحد بعمل واحد بأغنية واحدة!! وبعدها تتم رؤيتها والموافقة عليها بعد تصحيح أى ملاحظات فى تركيب الأغنية فى الألوان فى اختصار مساحة وقت لمطرب منهم وهذه المساحات الزمنية تحسب بالثانية!
الآن نتوقف معكم لنسألكم: هل تعلمون أن المساحة المخصصة لمقالنا، وهى كبيرة بالمناسبة، أوشكت أن تنتهى ونحن نشرح وعلى عجل الجهد المبذول فى واحد من عدة أعمال قدمت فى الافتتاح؟ ما المساحة التى يمكن أن نحتاجها للحديث سريعاً أيضاً عن الأعمال كلها التى قدمت فى حفل الافتتاح؟ وما المساحة إذاً التى سنحتاجها للحديث عن كل أعمال حفل الافتتاح بغير اختصار؟ إذاً أيضاً، ما المساحة التى سنحتاجها من هذه الجريدة المحترمة لو قررنا الكتابة عن الافتتاح والختام معاً؟! فماذا يمكن أن نحتاج للكتابة عن أيام المؤتمر كلها؟ وماذا عن اختيار الضيوف وإرسال الدعوات وتلقى الردود ومتابعتها حتى حجز تذاكر الطيران وفنادق الإقامة واستقبال الضيوف بالمطارات ومنها إلى شرم الشيخ؟ لكن لحظة عزيزى القارئ، هل تعرفون أن كل ما قلناه يحدث فى كل شىء؟ من شعار المؤتمر إلى شكل الدعوة ولونها، إلى طريقة المرور إلى مقر المؤتمر؟ وهل هى دعوة ورقية أم بطاقة دخول؟ علماً بأن هذه الإجراءات التالية تمت مع أكثر من 3 آلاف مدعو «حتة واحدة» من بينهم من قدموا فقرات لتجاربهم الشخصية الملتزمة بفكرة المؤتمر وهؤلاء أيضاً تم فرزهم من بين عشرات إن لم يكن مئات النماذج المرشحة أو المتقدمة!
هل تعبت عزيزى القارئ؟ هل دارت عقولكم؟ كثيرون شاهدوا ما شاهدوا لكن قليلين من فكروا فى كيفية صناعة ذلك وإعداده وتجهيزه ومن ثم إدارته! من الذى إدار كل ذلك؟ شباب البرنامج الرئاسى طبعاً بلا أى شركة عالمية لتنظيم المؤتمرات وقد نجحوا تماماً، لكن، من يدير هؤلاء الشباب؟ ويتابعهم ووزع الأعمال والتكليفات عليهم؟ وهو نفسه هل هناك من تابعه أم أن الرئيس ذهب إلى المؤتمر بغير أن يعرف محتواه وما سيراه ويشاهده؟!
ربما سنحتاج إلى استكمال الحديث فى وصف شبه تفصيلى لبطولة حقيقية جرت على جزء غالٍ من أرض مصر، سلام وتحية على الجميع، وعلى كل يد شريفة توضأت بالحق وباليقين وصنعت وقدمت للناس الخير والجمال!