بمناسبة طوفان الرفض الشعبى للمصالحة أو للتصالح مع الإخوان.. أقول إن الجماعة هى التى رفضت التصالح مع الشعب المصرى.. وإن عمر هذا الرفض تسعون عاماً كاملة.. منذ أسس حسن البنّا جماعته وحتى الآن، وسيستمر هذا اللاصلح ما بقيت الجماعة.. وما بقيت مصر، هذه جماعة غريبة ومغتربة.. وستبقى كذلك، هذه جماعة لا تطرب لصوت أم كلثوم ولا تتذوق قصائد أحمد شوقى بصوت محمد عبدالوهاب.. هذه جماعة لا تقرأ نجيب محفوظ.. ولا تفضل تلاوة القرآن على طريقة محمد رفعت.. هذه جماعة لا تحب أفلام صلاح أبوسيف وعاطف الطيب، ولا تضحك على إفيهات عادل إمام ولا تبكى مع أحمد زكى.. هذه جماعة قال مرشدها صادقاًَ إنه لا يبالى أن حكمه ماليزى، وأكد المعنى بعبارة (طظ فى مصر وأبومصر).. فما الذى يجمع هؤلاء بالمصريين إذاً؟ وهل هناك دلائل أكثر من هذا على رفض الجماعة للصلح مع الشعب؟!
وإذا انتقلنا من خصومة الجماعة الوجدانية والروحية مع هذا الشعب للجانب السياسى المباشر.. ألم ترفض هذه الجماعة وقادتها إجراء انتخابات مبكرة فى ٣ يوليو ٢٠١٣؟ ألم يرفضوا أن يحضروا اجتماع ممثلى الشعب المصرى وأن يجلسوا على مائدة للحوار؟ ألم يواصلوا شحن جماهيرهم الشقية بهم من على منصة رابعة؟ ألم يلحوا عليهم عبر مئات الخطابات اليومية أن الدماء والدماء فقط هى التى ستعيد محمد مرسى إلى الاتحادية؟ ألم يرفضوا فض الاعتصام بطريقة سلمية؟ ألم يعلنوا الحرب فى سيناء عبر تنظيمات المرتزقة والخونة وبتحالف مع الدول التى تعادى هذا الوطن؟ ألم يقتلوا مئات الجنود والضباط؟ ألم ييتموا الأطفال؟ ألم يفجعوا الأمهات فى أبنائهن؟.. وإذا لم يكونوا هم فمن؟
كان أحمد بهاء الدين، رحمه الله، يقول إن الإنسان حيوان له تاريخ.. والمعنى أن الإنسان يجب أن يتعلم من التاريخ.. والتاريخ يقول إن «عبدالناصر» خاصم الأحزاب كلها فى 1954 وصالح الإخوان فحاولوا اغتياله، وإنه فى 1965 عرض عليهم الاندماج مع النظام وأن يتحولوا لجناح فى الاتحاد الاشتراكى (بوساطة زكريا محيى الدين) فحاولوا اغتياله مرة أخرى.. وإن «السادات» صالحهم وأخرجهم من السجون وردهم لوظائفهم فلم يحفظوا له الجميل واغتاله تنظيم خارج من عباءتهم، التاريخ يقول إن «مبارك» ظل ثلاثين عاماً يعقد الصفقات معهم وإنهم كونوا ثروات بالمليارات فى عهده لكنهم باعوه فى غمضة عين وفى ليلة واحدة.. فأى صلح نتحدث عنه إذاً؟
يقول أمل دنقل فى قصيدته التى صارت مرجعاًً للحديث فى الموضوع (وما الصلح إلا معاهدة بين ندين فى شرف القلب).. والإخوان ليسوا نداً لهذا الشعب.. أما شرف القلب فهو آخر ما يعرفوه.. لا تصالح.. ولا تتوخَّ الهرب!