عرفت مصر قوانين النشر فى النصف الثانى من القرن الـ19 ثم كان أول إجراء تطبيقى لحالات الحظر والمنع للمنشورات والصحف فى عام 1914 إبان الحرب العالمية الأولى.. وتوالت الدساتير والقوانين والإجراءات والاتفاقيات الدولية حتى اليوم..
ومادة التشريعات الصحفية والإعلامية أصبحت أساسية ولا غنى عن دراستها بعمق لكل من يمارس النشر محترفاً كان أو هاوياً.
وهى مادة علمية طورت منهجها وأقوم بتدريسها منذ سنوات طويلة لطلاب كليات الإعلام.. ليدركوا منظومة العمل الصحفى والإعلامى فى مصر والوطن العربى.
وهى مادة تبلور طبيعة العلاقة ما بين مواد الدستور وقوانين تنظيم الصحافة والطباعة والنشر والتوزيع وقوانين وآليات تأسيس الصحف والقنوات الإذاعية والتليفزيونية وقوانين الردع لجرائم النشر وكيفية الكتابة أو العمل الصحفى والإعلامى دون تجريم.
كما ندرس للطلاب قوانين النقابات المهنية والقوانين المنظمة للعلاقة بين الصحفى والسلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية ومؤسسات المجتمع المدنى، ونصوص وآليات الاتفاقيات والمؤسسات الدولية الخاصة بالصحافة والإعلام والملتزمة بها مصر.. وآليات التنظيم الذاتى للصحافة والإعلام..
ويصبح الدارس لمادة التشريعات الصحفية والإعلامية مؤهلاً ومحصناً من الوقوع فى الخطأ القانونى سواء عمل فى مصر أو خارجها.
وتساعد الخريجين على معرفة الحقوق والواجبات والالتزامات تجاه حرية المهنة والمجتمع.
وكل من درس الإعلام يعرف أن قرارات المجلس الأعلى للإعلام معظمها غير صحيحة لأنه ببساطة لم يصدر حتى الآن قانون تنظيم الصحافة والإعلام.
وكنت حاضراً فى آخر اجتماعات المجلس الأعلى للإعلام برئاسة الأستاذ جلال عارف، والذى ضم قيادات نقابة الصحفيين وعلى رأسهم النقيبان الأستاذ يحيى قلاش والأستاذ ضياء رشوان، وأكد «رشوان» أن البرلمان وعد بصدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام بعد صدور قانون المجلس الأعلى للإعلام والهيئتين بثلاثة أشهر على الأكثر، ولم يصدر القانون حتى الآن بعد مرور 18 شهراً!!
وقد كتبت عن ذلك مراراً وتكراراً ولم يتحرك أحد لعلاج الحالة العشوائية التى نعيشها منذ ديسمبر 2016 وحتى الآن.
وأغضبنى جداً قرار الأستاذ مكرم بحظر النشر للتحقيقات التى تجريها النيابة وهو تغول من رئيس المجلس الأعلى للإعلام على حق النيابة فقط..
وكتبت منبهاً للمأساة التى تعصف بما تعلمناه ونعلمه لطلبتنا من تشريعات صحفية وإعلامية..
ويبدو أن السيد النائب العام تنبه للموضوع فحدثت إحالة رئيس مجلس الإعلام للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة..
وفجأة وجدت الجميع ينتبه للموضوع ويتبارى فى القفز إلى موقع السبق، وهو أمر طيب أن تهتموا بالعوار القانونى الأصلى الذى يصون حرية الرأى والتعبير ويمنع أن يبرطع أحد بالحظر والمنع والمنّ والعفو فى قضايا تخص الصحافة والقنوات الفضائية والمذيعين دون سند من قانون.
وللجهلة الذين يلجأون لنصوص تشكيل المجلس الأعلى والهيئتين بوصفها صلاحيات قانونية، نقول إنها صلاحيات تأسيسية ويجب أن يصدر قانون ولائحة تنفيذية لتطبيق هذه الصلاحيات فى الدولة وعلى الجمهور..
اقرأوا وافهموا تشريعات الصحافة والإعلام قبل الفتاوى.. أو اسألوا أحد طلاب الإعلام ليفيدكم علماً..
لنا الله.. والله غالب