«الملف لسه ما وصلش»، هى عبارة واحدة، تسمعها فى كل إدارات المرور، ملف السيارة لا يصل إلى إدارة المرور من إدارة مرور أخرى داخل الجمهورية فى عدة سنوات، مهما حاولنا استعجاله مرات ومرات، أو تدخلت الوسائط صغيرها وكبيرها، أو حتى سافرنا بأنفسنا إلى إدارة المرور لنقله، فهذا ممنوع، لو ركب الملف حماراً من أسوان إلى القاهرة لقطع المسافة فى شهر أو حتى فى شهرين، إلا أن الحمار مربوط على شبابيك إدارات المرور، يأكل ويشرب ولا يتحرك ولا يصلنا هو أو الملف!! لا تحزن، عزيزى صاحب السيارة، ولا تندم على شرائك سيارة خارج حدود محافظتك، فسوف تتنعم عليك إدارة المرور بتصريح مرور مؤقت للسيارة لسنوات مقبلة، دون الحاجة إلى وصول الملف، لكنك هتشوف النجوم فى عز الضهر، فى نقل الملكية أو فى إنهاء إجراءات الترخيص، حين تسافر مرتين إلى الإدارة التابع لها السيارة، لاستخراج شهادتين للبيانات، واحدة للشهر العقارى لبيع السيارة إن كان لنفسك أو للغير، والأخرى لإدارة المرور الجديدة، وشهادة براءة الذمة المالية، ثم المرة الثانية بعد رفع البصمة لمطابقتها مع الملف الأصلى، عندها تعود إلى إدارة المرور لاستكمال ما تفضل به إخواننا فى الإدارة من الهم والغم والكرب لإنهاء بقية المشوار، إلى أن تنتهى من إجراءات التصريح المؤقت، ولا تنس أن تجدد هذا التصريح كل ستة أشهر. منذ ما يقرب من نصف قرن ويزيد نواجه ذات الإجراءات العقيمة، وكأن الثورة العظيمة فى عالم التكنولوجيا كانت خاصة بطباعة الرخصة فقط، دون باقى الإجراءات، إلا أنه فى السنوات السابقة نجحنا وبفضل من الله، فى استخراج رخصة مرور، وليس تصريحاً للسيارة إذ كانت السيارة تابعة لإدارة مرور فى ذات المحافظة، وهذا فى حد ذاته انتصار ما بعده انتصار، تم يا ولدى فى معركة مدتها أكثر من خمسين عاماً كحرب البسوس، وهى أطول معركة حربية عربية، فكم يا ترى نحتاج من السنوات لتوحيد هذا النظام بين المحافظات جميعها؟، ولا أدرى ما الفارق بين محافظة وأخرى، أو بين إدارة مرور فى محافظة وإدارة مرور فى محافظة أخرى، حتى نعمم هذا الإجراء؟ وهل لو جاءت تعليمات رئاسية باختصار هذه الإجراءات القاسية على المواطن والتى تستهلك وقته وجهده وماله؟ هل ستنتصر لنا فى غضون أيام؟ أظن ذلك، بل وأجزم به، أن إدارات المرور ستنتفض عن بكرة أبيها، وتزيل عن كاهلها تراب وجلخ السنين، وينزل المولود فوراً حتى لو كان ناقصاً ومشوهاً، فإذا كان الأمر كذلك، فأنا أناشد السيد الرئيس أن يصدر تعليماته، بأن يرفع هؤلاء القوم عن كاهل الناس هذه الإجراءات التى أعجزته وطحنته واستنزفت أمواله لصالح جموع الفاسدين، والتى ليس لها شبيه فى دول العالم، فلن يستجيب المسئولون إلا لأوامر رئاسية، فقد تعودوا على هذه التعليمات، دون النظر بأنفسهم إلى ما يرحم الناس، أو يسهل لهم إنهاء الإجراءات فى سرعة ودقة، أو يرفع عنهم بعضاً مما يعانونه، وكأن قدرنا أن ننال كل هذه القسوة والصعوبة والهوان إذا همّ أحد فينا فى إنهاء إجراء فى إدارة حكومية أو جهة إدارية... أليس لديكم فكر رشيد، أو منطق جديد لرفع المعاناة عن خلق الله، ألا يرى واحد منكم كم يشق الأمر على الناس، ويصعب عليهم، ويشتد على كبار السن فى رحلة البحث عن هذا الملف، أو إنهاء باقى إجراءات التراخيص، فيخرج علينا هو أو غيره بفكرة تقرب المسافة والزمن، وتفتح لهذا الملف باباً للوصول، أو ننتهى من إجراءات تراخيص السيارات فى يسر وسهولة، أو يفك حبل الحمار.. ألا نستطيع ربط شبكة المرور جميعها ربطاً واحداً كما يحدث فى حسابات البنوك، ويستطيع مسئول واحد فى كل إدارة «بكود خاص» أن يتأكد من صحة البيانات والمخالفات جميعها، ويوقع بخاتمه الخاص ويكون مسئولاً عن صدق وصحة البيانات بعد ربط هذه الإدارات جميعها على شبكة واحدة، أو تنتقل المعلومات عن طريق الإيميلات بين الإدارات المختلفة مع ضمان انسيابها دون تدخل خارجى، وتتم المعاملات بصورة سهلة وميسرة، ونبدأ فى هذا البرنامج الآن على أن يطبق بعد عام مثلاً، وأتصور لو طلبت الداخلية المساعدة، فسيتقدم من الشركات والأفراد وأصحاب الخبرات من يساعد ويعاون وبأقل التكلفة، واعتبروه مشروعاً قومياً «سرعة إنهاء إجراءات تراخيص السيارات بسهولة ويسر واحترام» أليس من حقنا أن نعامل معاملة كريمة فى إدارات المرور، جلوساً كبقية الأمم، وأن تتم المعاملات بين الشبابيك والأقسام المختلفة، دون مرورنا على الشبابيك لدفع المعلوم؟ ولو أننى أشك فى هذا كثيراً، فالفساد أقوى من الإصلاح، يوقفه ويعطله ويهد حيله، حتى يعود الأمر إلى حجره مرة أخرى، فلا شك أن محاولات شريفة تمت من قبل ولم يكتب لها النجاح بفعل هؤلاء.
السيد وزير الداخلية، اعتبر هذا المشروع مشروعك، وابدأ فيه من الآن «سرعة إنهاء إجراءات الترخيص» لو أكملته على خير، فسنكون لك من الشاكرين.