إذا جلست فى أى مكان أو مع أى شخص، غنى أو فقير، رجل أو امرأة أو شاب، فى الريف أو المدينة، موظف أو عامل أو فلاح، متعلم أو مثقف أو جاهل، فى فندق 5 نجوم أو مركب على النيل، فى الحقل أو على قهوة بلدى، فى الزمالك أو بولاق، الحوار معظمه، إن لم يكن كله، حول ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب والرسوم ورفع الدعم، فالشاب الذى يدفع ألف جنيه على الكافيه يتكلم عن الأسعار والحياة الصعبة مثل عامل اليومية الذى يعيش اليوم بيومه، ولغة الإحباط تسيطر على المجالس العامة والخاصة، والشائعات على وسائل التواصل الاجتماعى تنتشر مثل النيران فى الهشيم، ومركز معلومات مجلس الوزراء يصدر يومياً تقريراً لتوضيح الحقائق والرد على الأكاذيب، بعد أن كان يصدر تقريره كل شهر أو اثنين، فخلال الأشهر القليلة الماضية رصد المركز أكثر من 700 شائعة كانت كفيلة بتدمير البلد، ونحن نعرف جيداً من وراء هذه الشائعات، ويعمل على إثارة الفتنة والبلبلة، ويتمنى لنا عدم الاستقرار.
هل لدينا مشكلات؟ نعم لدينا مشكلات كثيرة، معظمها بسبب الظروف الاقتصادية، ارتفاع أسعار مع بطالة وتدنى أجور، ولكن هذه المشكلات أقل خطورة من الإحباط واليأس الذى يسيطر على نفوس المواطنين، بل إن الإرهاب نفسه أقل خطورة، لأنك تعرف من هو عدوك وتستطيع القضاء عليه، أما الإحباط ونشر الشائعات فهما مثل العدو الخفى الذى يرمى الكذبة على «الفيس بوك» أو «الواتس أب» أو «تويتر» أو.. أو.. ثم يتناقلها الناس بحسن أو سوء نية، فالنتيجة واحدة قد تتسبب فى كوارث.
هناك حرب منظمة من الشائعات ضد الدولة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعى، تقف وراءها جماعات ممولة وأجهزة استخبارات دولية، هدفها نشر الإحباط بين المصريين.
والجماعات الإرهابية تروج الأكاذيب بهدف زعزعة الثقة بين الشعب وقيادته وتشويه (تسوىء) صورة الحكومة، وتركز دائماً على الجيش والشرطة والحالة الاقتصادية وحقوق الإنسان، وتبثها على مواقع التواصل الاجتماعى، التى أصبحت المصدر الأساسى للأخبار لدى الشعب المصرى، وخاصة شبابه.
لا أحد يستطيع إنكار طفرة الإنجازات التى حدثت فى البلد خلال السنوات الأربع الماضية، وفى كل المجالات، رغم الظروف السياسية والأمنية التى تشهدها مصر والمنطقة، فهناك يد تبنى وأخرى تحمل السلاح، ولكن الحكومة تفشل فى تسويق نفسها وإنجازاتها، وحتى حينما لجأت إلى الإعلانات المدفوعة كان قراراً خاطئاً، فالإعلان مدته ثوانٍ أو دقائق، كما أن المواطن لا يثق فيه، لأنه يراه تجميلاً لواقع قد لا يكون حقيقياً.
إذن ما الحل لمواجهة الشائعات وتسويق الإنجازات حتى يعلم المواطن حقيقة ما تشهده مصر؟ الحل هو ضرورة بناء إعلام وطنى قوى مؤهل للرد على الشائعات أولاً بأول، وقول الحقائق لتكذيب تلك الأخبار، واستعادة مصداقية الإعلام، إلى جانب أهمية كشف المواقع الإلكترونية لكتائب الإخوان وتوعية المجتمع بما تقوم به، وهذا يتطلب يقظة من المسئولين وأيضاً شفافية وتدفقاً فى المعلومات، أما بالنسبة لتسويق الحكومة فيكون من خلال الإعلام وليس الإعلان، وتصوير الإنجازات والمشروعات على أرض الواقع، والكاميرا هى التى تتكلم وليس المسئول، وأن تُسخر وسائل الإعلام نفسها وكذلك الآلاف من ساعات الإرسال الإذاعى والتلفزيون اليومى لنقل الواقع دون تجميل أو تزييف، حتى يشعر المواطن بهذه الإنجازات فى حياته، فيستطيع التغلب على اليأس والإحباط الذى يلازمه، ويستطيع «ماسبيرو» القيام بهذه المهمة، لأنه إذاعة وتلفزيون الدولة الرسمى الذى تنفق عليه من أموال المواطنين دافعى الضرائب.. اللهم احفظ مصر.