لأول مرة فى الألفية الميلادية الثالثة نرى عودة نمط العقوبات الاقتصادية والسياسية من طرف واحد، وتطبق بأساليب لها صبغة دولية، ويمثل هذا التطور النوعى فى العلاقات بين دول العالم إضافة جديدة لسياسات الرئيس الأمريكى باعث الشعبوية فى العلاقات الدولية.. وقد أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فرض عقوبات على إيران من طرف واحد حيث تطبقها أمريكا فقط.. وأكد ترامب فى تغريدته على «تويتر» أنه لا تعامل بالعملة الإيرانية فى شراء الدولار أو الذهب أو البضائع.. وأردف أن من يتعامل مع إيران تجارياً لن تتعامل معه أمريكا، فى إشارة إلى الدول والشركات الدولية.. ومع ذلك ترك ترامب الباب موارباً داعياً إيران لحوار بلا شروط، ورد الرئيس الإيرانى روحانى بأنه لا حوار مع تنفيذ عقوبات أمريكية ضد إيران.. وتراوحت مواقف دول الاتحاد الأوروبى بين رفض سياسات ترامب الاقتصادية التى تضر صادرات أوروبا وبين التغاضى عنها وبين تأييد إيران علناً أو سراً، أما روسيا فقد أظهرت غضباً علنياً ضد أمريكا لفرضها عقوبات دولية بعيداً عن موافقة مجلس الأمن والأمم المتحدة واعتبرتها موسكو سابقة غير مقبولة، وأعلنت الصين تحالفها التجارى المباشر مع إيران رداً على حصار أمريكا الاقتصادى لها.
وتبدو السياسة الترامبية محيرة لكل عواصم وخبراء السياسة والاقتصاد فى العالم على خلفية الآثار السلبية المدمرة على حركة التجارة العالمية، التى ستعانى منها أمريكا أيضاً والأزمات المتوقعة وصفها خبراء الاتحاد الأوروبى بمحفزات حرب عالمية مقبلة على غرار ما حدث فى الحرب العالمية الأولى التى اندلعت بسبب فرض جمارك ضخمة على التجارة.
والخوف أن تتوتر إيران وتلجا إلى الضغط على من يعاديها عبر استخدام سلاح البترول، وقد هددت بإغلاق مضيق الخليج العربى بما يهدد بمنع بترول وغاز الخليج من التصدير، وسيسبب هذا أضراراً ضخمة على دول الخليج وأوروبا.. وإذا أضفنا التوتر المتصاعد اقتصادياً بين تركيا وأمريكا على خلفية احتجاز قس أمريكا فى تركيا وما تبعه من مصادرة أموال وممتلكات وزراء الداخلية والعدل فى الدولتين وتهديد أمريكا مباشرة للعملة التركية التى تنهار الآن.. فيبدو جلياً أن مخاطر العقوبات الاقتصادية الترامبية لن تضر إيران وأوروبا وتركيا وأمريكا ودول الخليج فقط وإنما ستطال الشرق الأوسط والعالم والإنسانية جمعاء.
نسأل الله السلامة للبشر.. والله غالب.