بعد ثلاثة أشهر من الآن سيرتفع عدد المستفيدين من دعم الخبز إلى 80 مليون مصرى، وذلك بإضافة قرابة أربعة ملايين مولود جديد إلى بطاقات التموين، وحسب الأرقام الرسمية تبلغ كلفة دعم الخبز فى الموازنة العامة 45 مليار جنيه إلى جانب 42 ملياراً لدعم السلع التموينية، الأرقام مُفزعة وبالغة الحساسية، وهى حقيقية لا ريب فى ذلك، وذات دلالة مهمة، لأنها تؤشر إلى أن الدولة التى تواصل تنفيذ سياسات تحرير الاقتصاد بكل أعبائها وتقلل من عجز الموازنة تتمسك فى الوقت ذاته بمواصلة تدابير وإجراءات لاستيعاب أكبر قدر ممكن من السلبيات وحصار تداعياتها ومساعدة غير القادرين فى مواجهتها، سألت السيد أحمد كمال، المسئول الإعلامى بوزارة التموين، من أين ستمولون هذه الزيادة الكبيرة والموازنة العامة تئن من العجز؟ قال لن نتكلف أى أعباء، حيث ستقوم لجنة العدالة الاجتماعية المكونة من وزارات وأجهزة رقابية عدة بدراسة معايير وقواعد تحديد غير المستحقين لتنفيذ عملية إحلال المستحقين، وهى معايير سيتم الإعلان عنها فور إقرارها، لكنى سألت نفسى حتى لو استبعدنا أربعة ملايين غير مستحقين ليحل محلهم أربعة ملايين مستحقين، فما معنى توفير خبز مدعم لنحو 76 مليون مواطن يومياً؟ هل نحو 80% من سكان مصر الذين يعيشون على أرضها تحت خط الفقر ويحتاجون إلى الخبز المدعم؟ أم أننا بحاجة إلى تعريف واضح يحدد لنا رقم المستحقين للدعم وإطار يضمن منظومة إنتاج لا يخترقها الفساد.
الحاصل أن المستقبل سيشهد المزيد من الأعباء مع مواصلة سياسة التحرير وسيقابله فى الوقت ذاته المزيد من مصادر الدخل لموارد الدولة، ومع الوضع فى الاعتبار الزيادة السكانية المطردة فى مصر فكل هذا معناه ضرورة امتلاك منظومة علمية ودقيقة قائمة على لغة الأرقام لنعرف أين تذهب هذه الفروقات بين العدد المُستحق وبين التكلفة؟ ومن يحصل عليها؟ وكيف؟ هذا إذا رغبنا فى تحقيق التوازن فى المجتمع ومد مظلة الحماية الاجتماعية على نطاق أوسع وإلا سنظل فى دوامة دعم الفساد.
لدينا وزير للتموين هو د. على مصيلحى نجح قبل أكثر من عشر سنوات فى تطوير هيئة البريد المصرية وتحويلها إلى مؤسسة عصرية نفخر بأدائها وتستعين بها الحكومات المتعاقبة فى تنفيذ الكثير من المهام والأدوار الاجتماعية حتى الآن، واعتقادى أن الرجل قادر على تحقيق نفس الإنجاز لتطوير منظومة الدعم التى ما زالت تمثل صداعاً فى دماغ كل حكام مصر وإرباكاً لكل موازنات الدولة على مدار 77 عاماً، الحكومة حددت مهلة لنهاية شهر أكتوبر لقيام المستفيدين بتصحيح أخطاء بيانات بطاقاتهم التموينية عبر موقع إدارة دعم مصر على إنترنت، وإلا سيتم وقف صرف مخصصات أى بطاقة بها أخطاء.