النجمة المتميزة والفريدة، والتى لا تشبه أحداً، وليس هناك من يشبهها، تلك السيدة الجميلة القوية والأنيقة بإحساسها وحضورها تجعلنا -نحن المستمعين- نعيش معها قصص الأغنيات، شاعرين بأننا من نصدح بهذا الصوت، ونتألق بذاك الحضور. وعندما تغنى حالتنا نشعر بأننا هى!
لكنها عندما فاجأتنا، ونحن ننتظر ألبومها الغنائى الجديد، بقصة أخفتها عن الإعلام وعن متابعيها، وقررت أن تعلن عن مرضها فقط يوم شفائها منه، رافضة التعاطف ومعلنة الانتصار، رافعة يدها، قاهرة الضعف والخوف والألم، كبطلة قوية شامخة، فقد باغتتنا جميعاً، وأقلقت نفوساً تعلقت بها، لكنها -فى ذات اللحظة- بثت الأمل والبهجة المصحوبين بالشجن والتأثر.
حاربت وانتصرت بصمت، ولم يُسمع منها سوى صوت الغناء المنتقى بعناية كلمة وألحاناً وصوتاً معبراً. انتصارها على السرطان جاء ليقول «إن من اعتاد الكفاح والصبر والعمل وتحمُّل صعاب الطريق يزداد عناداً وثباتاً وتحدياً مع الوقت ومع التجارب».
إن دور الفنان فى المجتمع تأثيرى مهم، الفنان يُبهج ويُفرح، لكنه إن ضعف أحياناً أو انهار، فهو يفضّل فعل هذا مختلياً بنفسه، مختبئاً بألمه عن العالم، يبتسم أمام الناس، لكن ما إن يُسدل الستار يتوجع وحيداً.. تراجيديا واقعية وموجعة، لكنها ملهمة وبها الكثير من المعانى الرائعة والدقيقة.
وأنا أشاهد هذه الصدمة التى يمتزج فيها فرح الشفاء بحزن القلق على نجمة نحبها ونحترمها، تذكرت أول المشوار، مشوارها هى الذى تابعناها به، فنحن ننتمى لذات الجيل. وكيف كان ظهورها مميزاً منذ اليوم الأول، وتوالت السنوات ولم تتراجع يوماً، بل كانت دائماً للأفضل والأحدث والأقوى. ثم ظهرت التصنيفات والجوائز ونسب المبيعات الأعلى، وكانت دائماً تتصدر هذه القوائم جميعاً، ومما يعزز ويؤكد هذه الأرقام إقبالنا نحن أنفسنا على سماع آخر إصداراتها ومشاهدة جديد تألقها وطلاتها، فمتعة سماعها لا تقل عن متعة متابعتها، وهى تدرك هذا تماماً وتعيه جيداً، إذ تصف النجاح بأنه (package)، أى صفقة متكاملة «صوت وحضور وإحساس ومظهر وتفاعل مع الجمهور»، وقد كانت صفقتنا المشتركة ناجحة، هى تغنى ونحن نستمتع بهذا الغناء وهذه الحالة، فإليسا بالفعل حالة فنية منفردة.
العقل ميزة كبيرة عند الفنان، والحكمة والإدراك كنز كبير تملكه هى بجدارة، تتحدث بثبات وقناعة نابعة من إعمال عقل واجتهاد واطلاع، لهذا تكون نبرة صوتها مقرونة بثقة وثبات كبيرين، والأهم من هذا صدق الواثق من نفسه وأفكاره وقناعاته.
ردودها سريعة البديهة بثبات وتعقل، جريئة، ثابتة، قوية. وعندما تغنى تكون حساسة ورومانسية ودافئة، وعندما تتحدث فهى تخاطب عقلك بكل منطق وحكمة وعمق، تتحدث فى الشأن السياسى والدينى والمجتمعى، وإن كان رأيها صادماً أحياناً لمخالفيها فإنه صادق يعبر عنها، لا تخشى من الإفصاح عنه، فهى تعلم جيداً رصيدها بالقلوب.
سيدة صنعت نفسها، واشتغلت على صنع اسم يفرض نفسه بقوة، لا تسمعها تهاجم أحداً أو تتقوَّل أو تدخل حروباً فارغة.. هى تتعالى وتتكبر على التفاهات، تركز فقط على ما وصلت إليه، وتحرص على الحفاظ عليه وتسجيل نقاط أعلى وأهم.
جمهورها -وأنا أولهم- هو سر قوتها، وأصدق مؤشرات وأرقام وإحصاءات هى تصفيقاتهم وعدد مشاهداتهم وحجم اهتمامهم بها. إليسا نموذج مختلف لمطربة عربية شابة نحترمها ونحبها ونقدّر قيمتها وقدرها. إليسار خورى، نحبك وندعمك ونطالبك بمزيد من الفن الراقى والرفيع، عافاك الله ومتعك بالصحة والعافية يا أيتها المتفردة والفريدة مع كل الحب والتقدير.