لسنا صارمين كالألمان ولا باردين كالإنجليز ولا نمشي بالريموت كاليابانيين.. نحن شعب نكتة يحب الفرح والانبساط ويكره الغم والنكد.
اختفت المسلسلات التي تصنع البهجة والبرامج خفيفة الظل التي كنا نجتمع حولها.. الحفلات التي كانت تذاع على الهواء وتجمع عددا كبيرا من الفنانين، وبها فقرات عديدة منوعة ومشوقة اختفت هي الأخرى.. أما المسرحيات الكوميدية الموجودة الآن فكلها قديمة وأعيدت عشرات -بل مئات- المرات ويحفظها المشاهد عن ظهر قلب.. أين المسرحيات الجديدة؟! تجربة مسرح مصر بدايتها كانت جيدة ومقبولة لكنها فقدت بريقها لضعف المستوى الفني للممثلين وعدم وجود الكاتب المسرحي المتمكن وربما التمويل اللازم.. رأيي أنها محاولة فاشلة لإعادة إحياء المسرح الكوميدي. ضغوط الحياة كثيرة والناس في حاجة ماسة إلى الكوميديا الراقية كحاجتها إلى الغذاء والدواء تماما.. فغير خاف أنها تساعد على إعادة التوازن إلى النفس وتخفف الضغوط وحولها تجتمع الأسرة وبالتأكيد ستقل معها النسب العالية للحوادث البشعة التي تدمي قلوبنا وتطالعنا بها الأخبار كل يوم.. ثبت علميا أن الضحك والابتسام يزيدان من إفرازات الغدد الصماء مثل البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية.. أما الغدة النخامية فتزيد من إفراز مادة البيتا إندورفين وهي الهرمون الذي يصل إلى خلايا الدماغ ويعطي أثراً مخدراً شبيهاً بأثر المورفين ويؤدي بالإنسان إلى النوم الهاديء العميق.. هذه نقطة مهمة لمن لديهم كآبة مزمنة ويعانون من الأرق والقلق والنوم الممتلئ بالكوابيس.
من أجل ذلك أرى أن صناعة الكوميديا تستحق أن تصبح مشروعا قوميا تهتم به القطاعات المتخصصة في الدولة.. التليفزيون يعاني الآن من حالة جفاف مزمن وكآبة غير مسبوقة لعدم وجود كوميديا حقيقية مصروف عليها بشكل جيد.. انخفضت نسب المشاهدة كثيرا لهذا السبب.