كان عام ١٩٨١، الذى حدّده القدر لانتهاء الجمهورية الثانية مليئاً بالأحداث المؤسفة والمحزنة، والبشائر كلها تنذر بكارثة ما سوف تحدث لا محال، وعن ذلك قال لى اللواء فؤاد نصار: إنه فى أول سبتمبر من هذا العام جاءنى مدير مكتبى، وقال لى النائب حسنى مبارك: «عايزك على التليفون»، كنت وقتها فى عرض للاحتفال بالعيد القومى لمحافظة مطروح، وكنت محافظاً لها، فقلت: «طيب لما يخلص العرض»، وبعد انتهائه، طلبت النائب مبارك، «أيوه يا فندم»، قال لى: «فيه طيارة قايمة من مصر دلوقتى علشان تاخدك»، فقلت: «خير»، قال: «لما تيجى حتعرف؟»، عدت بعد ساعة ونصف كنت خلالها فى مؤتمر صحفى بالمحافظة، ولقيت التليفون بيضرب، لقيت «مبارك» بيقول إلى: «الطيارة بقى لها نصف ساعة فى المطار ماجتش ليه؟»، فقلت له: «حاضر يا فندم، أخلّص المؤتمر الصحفى وأحضر على طول»، فقال لى: «خلّى مدير الأمن يكمّله، وتعالى انت بسرعة»، أخدت بعضى ورحت له، قال لى: «هتطلع دلوقتى، اللواء سعيد الماحى مستنّيك، (كان رئيس المخابرات العامة وقتها)، روح هتستلم منه»، فقلت له: «خير يا فندم»، قال لى: «فيه حركات غير عادية فى البلد، (كانت أحداث سبتمبر الخاصة بالاعتقالات)، وقال لى: «الواضح إن فيه مؤامرة علشان قتل الريس، وعملية قبض على ناس كتيرة، وعملية أمنية كبيرة، فالريس قال إنت تيجى تمسك المخابرات العامة، لأنه عيّن الماحى محافظاً للإسكندرية»، رحت تسلّمت المخابرات العامة، وهى نفس الحالة اللى أنا تسلمت فيها المخابرات الحربية علشان حرب ٧٣، تسلّمت «حرب داخلية أمنية»، ورحت للماحى قلت له: «فيه إيه؟»، قال لى: «والله فيه تقارير كتيرة، وعمليات داخلة فى البلد، وراها سياسيين وعسكريين وإخوان مسلمين»، قعدت نحو أسبوع ليل نهار جايب الناس فى الجهاز يحكوا لى إيه التقارير اللى عندهم، وكده، قرارات طالعة باعتقالات وبلاوى، وبعدين «مبارك» طلبنى، وقال لى: «فيه طيارة بكرة هتقوم وهنروح للريّس فى إسكندرية»، رحنا، والحقيقة كنت أنا وحسنى مبارك والنبوى إسماعيل ومعانا ثلاثة أساتذة جامعة، ووزراء، لكن مش متذكّرهم، نزلنا من الطيارة، لقينا جيهان السادات واقفة مستنيانا، وقالت لنا الريس تعبان وهدّوه شوية، وبلاش تزعجوه كتير، دخلنا لقيناه قاعد على ترابيزة، وحواليه دوسيهات كتيرة قوى، إحنا قعدنا، وابتدا كل واحد فينا يطلع كشف، ويقول أسماء، وبعد ما خلّصنا، قلت له: «سيادتك ممكن تسمع وجهة نظر المخابرات العامة»، قال لى: «إيه رأى المخابرات العامة؟»، قلت له: «الكلام اللى حضرتك بتقوله صحيح، فيه شرايط مسجلة عن عملية اغتيال، وفيه إخوان مسلمين بيعملوا تحركات، وسياسيين مش موافقين على كامب ديفيد، لكن إحنا نعتقل اللى لهم تسجيلات مثبتة، يعنى اللى عليه حاجة يُعتقل، ولكن بالشكل ده مش صح يا ريس»، فقال لى: «الظاهر إنك مش فى الصورة»، وبص للنبوى، وقال له: «كل الموجود عندك ورّيه له»، رحت مع «النبوى» ورّانى حاجات فى شرايط فيديو، ولكنى ما لقتش حاجة جديدة زيادة عن اللى عندى فى جهاز المخابرات العامة، وبناء عليه اتصلت بالتليفون بالرئيس، وقلت له: «يا فندم، أنا كنت مع النبوى إسماعيل، وكل اللى قاله موجود عندى، وأنا شايف إنه لا داعى لكل هذه الاعتقالات»، فقال لى: «أنا مش جايبك علشان آخد رأيك، القرار اتمضى بتاع الاعتقالات خلاص»، (انتهى كلام نصار) .
وكان قد تم تصعيد عبدالحليم أبوغزالة من رئيس أركان، إلى وزير دفاع بعد حادث طائرة أحمد بدوى، وكانت شخصية أبوغزالة قريبة جداً فكرياً من «السادات» فى كل شىء عكس سابقه، وكان «السادات» يثق فيه، خاصة بعد أن قام بتزكيته د.محمود أبووافية (عديل) السادات، فقد كان «أبووافية» متزوجاً من شقيقة جيهان، وسبب معرفته بأبوغزالة كونهما من مدينة واحدة، هى (الدلنجات - محافظة البحيرة).