لا أعتقد أن أحداً قد تمنى فى قرارة نفسه أن يعاصر حدثاً أهم وأضخم من منتدى شباب العالم، الذى تستضيف مصر نسخته الثانية هذه الأيام.. فالموقف يحمل من الفخر أكثر بكثير مما يحمل من الانتصارات المعنوية.. بل والمادية أيضاً..!
الأمر لا يحمل أدنى مبالغة... فالصورة كلها منذ اليوم الأول للمنتدى فى نسخته الأولى كانت تشى بفكر مختلف فى شكل التنظيم وطبيعة الأفكار المطروحة من خلاله ليتم التعبير عنها من كل شباب العالم من على أرض الكنانة..!
الأمر هذا العام كان أشبه باحتفالية كبيرة ينتظرها كل أهل مدينة السلام.. فمنذ اللحظة الأولى التى تطأ فيها قدماك مطار شرم الشيخ ستجد كل ما حولك يحتفى بك.. شعار المؤتمر فى كل مكان.. بدءاً من أرض المطار الذى شهد تنظيماً دقيقاً يستحق الشكر.. مروراً بالشوارع كلها.. حتى الأوتوبيسات وسيارات الأجرة حملت كلها شعار المؤتمر الذى أصبح رمزاً للسلام وللحوار للإنسانية كلها.. جدير بالذكر أن حجماً هائلاً من الطاقة الإيجابية تجدها بين شباب البرنامج الرئاسى المشارك فى لجنة تنظيم منتدى شباب العالم.. حجماً لو تم توزيعه على الشعب المصرى لكان وجه الوطن قد اختلف كله منذ زمن بعيد.. الحركة لا تتوقف أبداً.. لا يقصر أحدهم فى تكليف أو مسئولية طوال النهار والليل.. لا أحد يتأخر عن المساعدة أو عن إجابة أى سؤال.. وإن عجز عن الإجابة يرفع الأمر لمن هو أعلى منه فى لحظات معدودة..!
أكثر من ألف شاب وشابة يتحركون بوجوه بشوشة متفائلة بدقة ومهارة من حولك.. يحملون من الأمل بداخلهم ما يكفى أن يصيبك بتلك العدوى الجميلة.. ويؤمنون أن المستقبل لهم.. فيعملون جاهدين على صناعته بأيديهم.. دون النظر إلى تلك الأصوات التى تعوى لإيقاف القافلة!
المؤتمر شهد جلسات مثمرة متعددة.. تباينت بين القضايا المحلية والعالمية.. ولكن الأجمل على الإطلاق هو التركيز على قضايا صناعة القيادات الشابة وبناء وإعمار الدول بعد الحروب.. وأيضاً مخاطر السوشيال ميديا.. تلك الجلسات التى أعتقد أنها كانت أهم ما فى المؤتمر كله.. والتى كان النقاش فيها حقيقياً وليس تنظيراً مجرداً.. والتى أدلى سيادة الرئيس من خلالها بالعديد من التصريحات التى صدمت البعض.. وأظهرت صدق الحوار وحقيقة الحدث.. ولعل الحادث الإرهابى الذى راح ضحيته شهداء دير الأنبا صمويل قد ألقى بظلاله على فرحة الجميع بفعاليات المنتدى.. إلا أن الرسالة كانت واضحة صريحة.. فحجم الهجوم يتزايد طردياً مع معدل تأثير الحدث.. والاتجار بالحزن الذى مارسه البعض ليحبط الشباب لم ينجح فى مأربه.. فاستمرت الفعاليات.. لأن الدولة المصرية أقوى من أن تهتز بتلك الأفعال القذرة!!
لقد حمل المؤتمر رسالة واضحة منذ لحظات الافتتاح الأولى.. فمصر بخلفياتها التاريخية.. وأعمدتها السبعة التى ترتكز عليها هى نقطة تلاقٍ لكل الشعوب.. ومكان نموذجى لعولمة الأفكار.. وتوحيد الرؤى والأهداف بين جميع أطياف البشرية!
فخور بشباب البرنامج الرئاسى.. اللبنة الأولى التى قامت عليها فكرة المؤتمر.. فهم يثبتون فى كل حدث أنهم أقوى سلاح.. وأهم ركيزة لمستقبل هذا الوطن.. فخور بكل من اجتهد وأخلص ليخرج الحدث بهذه الصورة الجميلة.. فخور بكل من انتصر للإنسانية فى صورتها النقية.. فهى الملجأ والملاذ..!