صناعة الكاسيت: قبل «السوشيال ميديا».. فاكرين «لولاكى».. و«كوكو واوا»؟
هشام عباس وحميد الشاعرى فى كواليس أغنية «عينى»
فى فترة السبعينات والثمانينات كانت سوق الكاسيت منتعشة، الاستثمار فى مجال الإنتاج الغنائى كان مشروعاً مربحاً وناجحاً بكل المقاييس، وكان مطربو الأغنية المصرية والعربية نجوماً موجودين فى كل بيت من خلال «ألبوم» أو «بوستر» يحمل اسم آخر عمل لهم، كان ذلك قبل أن يدخل الإنترنت ومن بعده مواقع التواصل الاجتماعى إلى سوق الفن ويتسببا فى إغلاق العديد من الشركات الكبرى العاملة فى هذا المجال.
«عزيز»: الإنتاج فى مجال الغناء كان سهلا.. و«كوتة»: كان مربحاً.. و100 شركة إنتاج كانت تحقق مبيعات خيالية
المنتج فايز عزيز، أحد منتجى شركة «سونار»، التى أغلقت أبوابها بسبب انهيار الصناعة، استعرض نشاط سوق الكاسيت خلال فترة السبعينات والثمانينات بقوله: «تخطى عدد شركات الإنتاج فى مصر والوطن العربى حاجز الـ100، أى شخص كان لديه دافع الإنتاج كان ينتج لمعرفته أنه مهما فشل فى توزيع ألبوم أو اثنين، فلن يخرج خاسراً فى النهاية»، مؤكداً أن الألبومات الغنائية كانت من أهم عوامل رفاهية المواطن فى تلك الفترة.
وعن سهولة الإنتاج فى تلك الحقبة، قال: «الإنتاج كان سهلاً للغاية، والألبومات تحقق نجاحات كبرى لأن إذاعتها مقصورة على قناتين فى التليفزيون المصرى وعدد من الإذاعات المحلية، لذلك كان الشريط الملاذ الوحيد للمواطن العاشق للأغنيات». يتذكر «عزيز» أنه فى بداية التسعينات طرح ألبوم كوكتيل بعنوان (لقاء النجوم)، استعان فيه بالأصوات المعروفة فى الشركة، أمثال حميد الشاعرى وعلاء عبدالخالق، وأدخل إيهاب توفيق لأول مرة كصوت جديد على سبيل التجربة بأغنية (دانى)، التى حققت نجاحاً مبهراً بمجرد طرحها، كما حقق الألبوم مبيعات رائعة، بحسب قوله.
يواصل «فايز» استعراض تاريخ من النجاحات حققته شركات الإنتاج الغنائى: «من سهولة الإنتاج قررنا طرح أول ألبومات إيهاب توفيق بعد أشهر قليلة من أغنيته الأولى، وصدر بعنوان (اكمنى)، وحقق مبيعات كبرى مقارنة بمطرب يبدأ مشواره، فشركات الإنتاج كانت قادرة على طرح ألبومين أو ثلاثة فى الشهر، لأن السوق كان فى حاجة لها». أرقام المبيعات فى ذلك الوقت، بحسب قوله، كانت خيالية، لا يمكن تصديقها: «لا يخفى على أحد النجاح الساحق لألبوم على حميدة (لولاكى) الذى حقق مبيعات تخطت 5 ملايين نسخة، فضلاً عن ألبومات عمرو دياب وراغب علامة وحميد الشاعرى ومحمد منير وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد، التى كانت تحقق نسب البيع ذاتها فى ذلك الوقت».
وأضاف: «مثلاً فى شركة سونار كانت ألبومات إيهاب توفيق وعلاء عبدالخالق وحنان وحميد الشاعرى وحكيم تحقق أرقاماً خيالية، وكان ذلك يشجعنا على اكتشاف الأصوات الجديدة وتقديمها، عكس ما يحدث الآن، لو ألبوم باع 200 ألف نسخة يكون حقق إنجازاً غير مسبوق».
تيمور كوتة، أحد منتجى شركة «صوت الدلتا» التى ذاع صيتها فى فترتى الثمانينات والتسعينات، لإنتاجها ألبومات الفنان الكبير عمرو دياب وآخرين، رأى أن مشروع الإنتاج الغنائى فى تلك الفترة كان مربحاً جداً: «أنا دخلت المجال هاوياً بسبب عملى فى فرقة (لى بتى شاه) مع عزت أبوعوف، وبعد كده حبيت فكرة الإنتاج الغنائى وحققت نجاحات رائعة من أول ألبوم أنتجته، وكان النجاح والمبيعات الخيالية حليفنا».
وأضاف «كوتة»: «أتذكر أن أول ألبوم أنتجته كان لحسين الإمام وشقيقه مودى الإمام (وماله)، ولم يحقق أى مبيعات بعد طرحه فى الأسواق، وكانت هناك أغنية أجنبية شهيرة فى تلك الفترة وهى (كوكو واوا)، فطلبت من العاملين بالشركة ترجمتها، وسجلها حسين ومودى، وسحبت الألبوم الخاسر من السوق، وأضفت تلك الأغنية للألبوم وأعدت طرحه، فحقق نجاحات لا تصدق».
وعن الفارق بين الإنتاج فى تلك الفترة ودخول عالم الإنترنت الآن، قال: «لم تعد هناك شركات تنتج، وحتى الشركات الموجودة حالياً لا تدعم الشباب ولا تقدم إبداعاً، فمثلاً نحن فى (صوت الدلتا) كنا نبتكر دائماً ونقدم كل ما هو جديد يخدم الفن، وجعلنا أشهر الممثلين يقدمون شرائط غنائية، وقدمنا لأول مرة ألبومات ليونس شلبى وسمير غانم ومحمد صبحى وآخرين، ودعمنا الفرق الغنائية الشابة، وقدمنا الأصوات الجديدة، التى أصبحت نجوماً فيما بعد مثل عمرو دياب ومحمد فؤاد».
حميدة