100 عام كاملة مرت على مولد محمد أنور السادات. وُلد الزعيم الراحل فى 25 ديسمبر 1918، وهو العام نفسه، الذى ولد فيه الرئيس جمال عبدالناصر (فى شهر يناير)، وأيضاً العام الذى وُلد فيه حسين الشافعى (فى شهر فبراير)، الذى كان زميلاً للسادات فى موقع نائب رئيس جمهورية «عبدالناصر»، والعام نفسه الذى ولد فيه زكريا محيى الدين (فى شهر يوليو)، والعام نفسه الذى ولد فيه جمال سالم.
لم يكن 1918 عاماً عادياً فى حياة المصريين. فيه وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، وهى تلك الحرب التى فرضت إنجلترا الحماية على مصر مع انطلاقها. وهو أمر كان يرفضه غالب المصريين فى ذلك الوقت، بما فى ذلك الخديو عباس حلمى، وقد دفع عرشه ثمناً لهذا الرفض حين أطاح به الإنجليز، وأعطوا حكم مصر للأمير حسين كامل، الذى لقب بعد ذلك بـ«السلطان»، كان الأمير متردّداً فى قبول الحماية، خوفاً من الغضب الشعبى، لكن تهديد الإنجليز باستقدام أمير هندى ليحكم المصريين دفعه إلى القبول. كاد السلطان الجديد أن يدفع حياته ثمناً لقبول الحماية، فتعرّض لمحاولتى اغتيال نجا منهما بأعجوبة. ومنذ اليوم الأول لحكمه قوبل بغضب شعبى عارم، وبدأت فكرة الثورة تختمر فى عقول ووجدان المصريين، وأصبحوا مؤهلين لها أكثر من أى وقت مضى.
كان الاقتصاد المصرى يعانى أيضاً خلال هذا العام معاناة كبيرة، فمع انطلاق الحرب العالمية الأولى عام 1914 ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة، وقلت السيولة النقدية فى أيدى الناس، وتوقفت البنوك لبعض الوقت عن صرف ودائع عملائها بسبب كثافة الإقبال على السحب، وطردت العديد من المشروعات الموظفين العاملين بها، وكثرت جرائم السرقة والنهب والقتل، وساءت أحوال الموظفين المصريين بدرجة غير مسبوقة، وبدأت أحياء القاهرة تتزاحم بالفقراء القادمين من كل حدب وصوب إلى قاهرة المعز، بحثاً عن لقمة عيش. ومع الوصول إلى عام 1918، كان الاقتصاد المصرى قد تفاقمت أوضاعه وتعدّدت مشكلاته بصورة تنذر بالخطر.
عام 1918، الذى احتضن ميلاد الرئيس السادات وعدداً محسوساً من الضباط الأحرار كان عام اختمار الثورة التى اندلعت عام 1919 بزعامة سعد زغلول. قبل الثورة ببضعة أيام كان المسئولون الإنجليز يؤكدون لحكومة جلالة الملك أن المصريين نيام نيام، وأن الثورة على الأوضاع القائمة بعيدة عن تفكيرهم بُعد الأرض عن السماء. ولست أدرى على أى أساس كانت «حِسبتهم». فكل الأوضاع التى عاشتها مصر منذ فرض الحماية الإنجليزية عليها وحتى انتهاء الحرب العالمية الأولى كانت تنذر بحدث كبير، خصوصاً بعد أن تلاقح الضغط السياسى مع القهر الاقتصادى مع الفوضى الاجتماعية.
لم يكن عجيباً بعد ذلك أن تشكل الثورة جزءاً لا يتجزّأ من خريطة تفكير جمال عبدالناصر وأنور السادات وغيرهما ممن جمعت صدفة الميلاد بينهم خلال ذلك العام، ودفعت بهم وهم شباب إلى صفوف الجيش المصرى ليتشاركوا معاً فى الإطاحة بالنظام الملكى، ويرفعوا مبادئهم الستة التى كانت تشكل أحلام الحركة الوطنية المصرية التى تراكمت من عام 1918 فى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والقضاء على الإقطاع، لكن يبدو أن السلطة تُنسى الحالمين أحلامهم عندما يجلسون على مقاعدها.