سعر بيع كيلو البطاطس للمستهلك قد يتجاوز العشرين جنيهاً خلال الفترة المقبلة!
هذا الكلام ليس من عندياتى، وليس كلاماً بلا مصدر، مطلقاً. هذا الكلام موثق وثابت صدوره عن العديد من المعنيين بزراعة وإنتاج البطاطس، ومنهم وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب رائف تمراز، الذى قال فى تصريحات صحفية منشورة باليوم السابع يوم 29 ديسمبر الماضى، إن المحتكرين استوردوا بذور البطاطس بتكلفة تبدأ من 11 ألف جنيه للطن، ويقومون ببيعه بـ46 ألف جنيه للطن الواحد، ما سيتسبب فى عزوف الكثير من المزارعين عن زراعة البطاطس، وبالتالى ستكون هناك أزمة حقيقية خلال العام المقبل فى الأسعار.
«تمراز» قال أيضاً إن الأسعار العام الماضى كانت تتراوح من 4 إلى 5 آلاف جنيه لطن التقاوى، وبهذا تكون هناك زيادة جنونية فى أسعار التقاوى لا بد من التصدى لها.
رئيس لجنة الزراعة والرى بالبرلمان، هشام الشعينى، من جانبه قال إنه سيتم عقد اجتماع لبحث أزمة ارتفاع أسعار التقاوى بحضور كل الأطراف المعنية بالمشكلة، وعلى رأسهم وزير الزراعة، المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، الاتحاد العام لمنتجى البطاطس، الاتحاد التعاونى الزراعى، وممثلون عن الشركات المستوردة.
وأشار «الشعينى» إلى أن هناك 9 جهات تستورد البطاطس فى مصر، منها 3 تابعة للدولة، مطالباً بسرعة التدخل لحسم مسألة ارتفاع أسعار التقاوى، لافتاً إلى أن هناك أصنافاً تعطى إنتاجية أعلى ارتفع سعرها بشكل كبير جداً العام الحالى، ولكن هذا يعود لجودتها والإنتاجية العالية، مطالباً الحكومة بتوفير التقاوى لصغار الزرّاع الذين يمثلون 60% من المساحة المزروعة على مستوى الجمهورية.
وطالب رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب بتوزيع التقاوى تحت إشراف وزارة الزراعة، بالإضافة لضرورة متابعة المحصول أثناء زراعته، وذلك بهدف استنباط تقاوى جيدة خاصة من السلالات التى تعطى إنتاجية أعلى وجودة عالية وهذا بشأن توفير تقاوى محلية، على أن يتم متابعة الأسعار بالأسواق العالمية والاستيراد فى أوقات تدنى الأسعار حتى لا يؤثر على سعر المحصول المصرى.
الحقيقة أن هناك إفادات أخرى من متخصصين ومعنيين بموضوع البطاطس وغيرها من المحاصيل والسلع الاستراتيجية ترددت عبر العديد من وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية، جميعها تدور فى ذات الإطار، وهو أن هناك مجموعة من المحتكرين، عددهم قليل، يتولون السيطرة على الكثير من الأمور المتعلقة بغذاء واحتياجات الناس.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد تكرر سيناريو الارتفاع الجنونى فى أسعار البطاطس، السلعة الغذائية الاستراتيجية، إن صح التعبير، تكرر مع الدواجن المذبوحة المستوردة، وتكرر أيضاً مع الدواجن المنتجة محلياً، فقد أجمع الكثيرون من المعنيين أن أعداداً لا تتجاوز أعداد اليدين، مجموعة منهم تحتكر استيراد الدواجن المستوردة، والأخرى تحتكر استيراد المواد المهمة التى تعتمد عليها عملية الإنتاج المحلى للدواجن (السلالات، الأعلاف، الأدوية)، نتذكر أنهم يتحكمون فى أسعار بيع الدواجن، بنوعيها المستورد والمحلى.
ذات السيناريو تكرر خلال أزمة ألبان الأطفال التى حدثت قبل أشهر قليلة، وخلال أزمة اختفاء الأرز من الأسواق.. إلخ!
الحقيقة الواضحة وبجلاء أن هناك افتقاداً لأى دور تقوم به الحكومة لضبط سوق السلع والخدمات الأساسية، هذا العجز الحكومى برره كثير من الوزراء بأن نظام الاقتصاد المفتوح يمنع الحكومة من التدخل فى عمليات الاستيراد والتجارة والإنتاج، وربما يكون هذا التبرير مقبولاً من حيث الشكل، ولكنى أرى أنه تبرير مرفوض، فلا يعقل أن تقف الحكومة موقف المتفرج حيال محتكرين يستغلون الناس تخفياً وراء مبررات ظاهرها الحرمة، وباطنها العذاب.